للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الذي ذكرناه آنفًا. انتهى (١).

(وَثَوَابُ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا اللهُ بَعْدُ) بالضمّ؛ لِمَا ذُكر. (يَوْمَ بَدْرٍ) بنصب "يوم" على الظرفيّة، ويَحتمل أن يكون "بعدَ" مضافًا إلى "يوم بدر".

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: كذا صحت الرواية: "بعدَ" منصوبًا على الظرف المعرب المضاف إلى "يوم بدر"، أو العامل فيه: "آتانا"، فهذان أمران مختلفان، أوتيهما في وقتين مختلفين، أحدهما: بعد أُحد، والثاني: بعد بدر؛ مع أنهما مُرَتَّبان على ما جرى في أُحُد، فيستحيل أن يكون يوم بدر هنا هو يوم غزوة بدر الكبرى؛ لتقدُّم بدر الكبرى على أُحد بزمان طويل؛ لأنَّه -صلى الله عليه وسلم- خرج إلى بدر الأُولى في شهر رمضان في السَّنة الثانية من الهجرة، وكانت أُحُد في السنة الثالثة في النصف من شوَّالها، ولذلك قال علماؤنا: إن يوم بدر في هذا الحديث هو يوم بدر الثاني، وكان من أمرها: أن قريشًا لمّا أصابت في أُحد من أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ما أصابت، وأخذوا في الرُّجوع نادى أبو سفيان يُسمِعُ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: موعدكم يوم بدر في العام المقبل، فأمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعض أصحابه أن يجيبه بنعم، فلمَّا كان العام المقبل -وهي السنة الرابعة من الهجرة-؛ خرج في شَعبانها إلى بدر الثانية، فوصل إلى بدر، وأقام هناك ينتظر أبا سفيان، وخرج أبو سفيان في أهل مكة حتى بلغ عسفان، ثمَّ إنهم غلبهم الخوف، فرجعوا، واعتذروا بأن العام عام جدب، وكان عذرًا محتاجًا إلى عذر، فأخزى الله المشركين، ونصر المؤمنين، ثمَّ: إن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يزل منصورًا، وبما يفتح الله عليه مسرورًا، إلى أن أظهر الله تعالى دينه على الأديان، وأخمد كلمة الكفر والطغيان. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": المراد بما بعد يوم بدر: فتحُ خيبر، ثم مكة؛ أي: ما جاء الله به بعد بدر الثانية، من تثبيت قلوب المؤمنين، قال الكرمانيّ: ويَحْتَمِل أن يراد بالخير: الغنيمة، وبعدُ؛ أي: بعد الخير، والثوابُ والخيرُ حصلا في يوم بدر.

قال الحافظ: وفي هذا السياق إشعار بأن قوله في الخبر: "والله خير" من


(١) "المفهم" ٦/ ٣٨.
(٢) "المفهم" ٦/ ٣٨ - ٣٩.