للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فسكون - أي: الفَزَعُ، يقال: راعني الشيءُ رَوْعًا، من باب قال: أفزعني، ورَوَّعني مثله، وراعني جماله: أعجبني، وأما الرُّوع بالضمّ فهو الخاطر، والقلب، يقال: وقَعَ في رُوعي كذا، قاله الفيّوميّ رحمهُ اللهُ (١)، وقال المجد رحمهُ اللهُ: الرُّوع بالضمّ: القلبُ، أو موضع الفَزَع منه، أو سَوَاده، والذهنُ، والعقلُ. انتهى (٢). (ثُمَّ قَالَ لِخَدِيجَةَ) - رضي الله عنها - ("أَيْ خَدِيجَةُ) أي: يا خديجةُ، فـ "أَيْ" حرف نداء، مثل "يا" تستعمل عند الجمهور للبعيد، أو ما في حكمه، كالنائم، والساهي، ومذهب المبرِّد أنها للقريب، كالهمزة، و"يا" للجمع، ومثله مذهب ابن بَرْهَان، إلا أنه جعل "أي" للمتوسّط، وكلّهم جوّزوا نداء القريب بما للبعيد؛ لتنزيله منزلته (٣). (مَا لِي؟ ") "ما" استفهاميّة مبتدأ خبره الجارّ والمجرور، أَيْ: أيّ شيء حصل لي بسبب هذا الأمر؟، قاله استغرابًا لما حصل له، وتعجيبًا لخديجة - رضي الله عنها -، وجملة "ما لي؟ " مقول "قال"، وقوله: (وَأَخْبَرَهَما الْخَبَرَ) أي: خبر ما رآه، وحصل له من الملَك من الغطّ وغيره، والجملة يحتمل أن تكون معطوفةً على جملة "قال"، ويحتمل أن تكون حالًا من فاعل "قال".

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي") قال في "الفتح": دَلّ هذا، مع قوله: "تَرْجُفُ بَوادره" على انفعالٍ حَصَل له من مجيء الملك، ومن ثَمَّ قال: "زَمِّلوني".

والخشية المذكورة اختلف العلماء في المراد بها على اثني عشر قولًا: [أولها]: الجنون، وأن يكون ما رآه من جنس الكِهانة، جاء مُصَرَّحًا به في عِدّة طُرُق، وأبطله أبو بكر بن العربيّ، وحُقَّ له أن يُبْطَل، لكن حمله الإسماعيليّ على أن ذلك حَصَل له قبل حصول العلم الضروريّ له أن الذي جاءه ملك، وأنه من عند الله تعالى.

[ثانيها]: الهاجس، وهو باطل أيضًا؛ لأنه لا يَستَقِرّ، وهذا استَقَرَّ، وحصلت بينهما المراجعة.

[ثالثها]: الموت من شدة الرُّعْب.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٤٦.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٦٥١.
(٣) راجع: "حاشية الخضريّ على الخلاصة" ٢/ ١١٣.