للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال العينيّ: "حتى" ههنا حرف ابتداء؛ يعني: حرف يُبتدأ بعده جملة؛ أي: تُستأنَف، فتكون اسمية، أو فعلية، والفعلية يكون فعلها ماضيًا، ومضارعًا، ومثال الاسمية قول جرير [من الطويل]:

فَمَا زَالَتِ الْقَتْلَى تَمُجُّ دِمَاءَهَا … بِدِجْلَةَ حَتَّى مَاءُ دِجْلَةَ أَشْكَلُ

ومثال الفعلية التى فِعْلها ماض: {حَتَّى عَفَوْا} [الأعراف: ٩٥]، و "حتى توضؤوا"، ومثال الفعلية التي فعلها مضارع: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [البقرة: ٢١٤] في قراءة نافع. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "حتى توضؤوا من عند آخرهم" قال الكرمانيّ: "حتى" للتدريج، و"من" للبيان؛ أي: توضأ الناس حتى توضأ الذين عند آخرهم، وهو كناية عن جميعهم، قال: و"عند" بمعنى: "في"؛ لأن "عند" وإن كانت للظرفية الخاصة، لكن المبالغة تقتضي أن تكون لمطلق الظرفية، فكأنه قال: الذين هم في آخرهم، وقال التيميّ: المعنى: توضأ القوم حتى وصلت النوبة إلى الآخر، وقال النوويّ: "من" هنا بمعنى: "إلى"، وهي لغةٌ، وتعقبه الكرمانيّ بأنها شاذّة، قال: ثم إن "إلى" لا يجوز أن تدخل على "عند"، ويلزم عليه، وعلى ما قال التيميّ أن لا يدخل الأخير، لكن ما قاله الكرمانيّ من أن "إلى" لا تدخل على "عند" لا يلزم مثله في "من" إذا وقعت بمعنى: "إلى"، وعلى توجيه النوويّ يمكن أن يقال: "عند"، زائدة. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٣/ ٥٩٢٧ و ٥٩٢٨ و ٥٩٢٩] (٢٢٧٩)، و (البخاريّ) في "الوضوء" (١٦٩ و ٢٠٠) و"المناقب" (٣٥٧٢ و ٣٥٧٣


(١) "عمدة القاري" ٣/ ٣٣.
(٢) "الفتح" ١/ ٤٦٧، كتاب "الوضوء" رقم (١٦٩).