للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بشرته أبْشُرُهُ بَشْرًا، من باب قتل في لغة تِهَامة، وما والاها، والاسم منه بُشْرٌ بضم الباء، والتعدية بالتثقيل لغة عامّة العرب، وقرأ السبعة باللغتين. انتهى (١).

فقد ثبت بما قاله المجد رحمهُ اللهُ أن أبشر هنا يجوز فيه ثلاثة أوجه: (أبشر) بقطع الهمزة رباعيًّا، و (ابْشِرْ) بوصل الهمزة مع كسر الشين وفتحها، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قول خديجة - رضي الله عنها - هنا: "أبشر" لم يقع في حديث عائشة - رضي الله عنها - تعيين المبشر به، ووقع في مرسل عبيد بن عمير: "فقالت: أبشر يا ابن عمّ، واثْبُت، فوالذي نفسي بيده، إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة"، وفي "دلائل النبوّة" للبيهقيّ، من طريق أبي مَيْسَرة مرسلًا أنه - صلى الله عليه وسلم - قَصّ على خديجة ما رأى في المنام، فقالت له: أبشر، فإن الله لن يَصْنَعَ بك إلا خيرًا، ثم أخبرها بما وقع له من شَقِّ البطن وإعادته، فقالت له: أبشر إن هذا والله خير، ثم استَعْلَنَ له جبريل … فذكر القِصَّة، فقال لها: "أرأيتكِ الذي كنتُ رأيت في المنام، فإنه جبريل، استَعْلَن لي بأن ربي أرسله إليّ"، وأخبرها بما جاء به، فقالت: أبشر فوالله لا يفعل الله بك إلا خيرًا، فاقْبَل الذي جاءك من الله، فإنه حَقٌّ، وأبشر فإنك رسول الله حقًّا.

وهذا أصرح ما ورد في أنها - رضي الله عنها - أوّلُ الآدميين آمن برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والله تعالى أعلم (٢).

(فَوَاللهِ لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا) بضم الياء، وبالخاء المعجمة، والزاي المكسورة، ثم الياء الساكنة، كذا هو في رواية يونس وعقيل، والخِزْيُ: الفضيحة، والهوان، وقال معمر في روايته: "يَحْزُنُك" بفتح أوله، وبالحاء المهملة، والزاي المضمومة، والنون، من حَزَنه، ويجوز ضمّ الياء في أوله، وكسر الزاي، من أحزنه، وكلاهما صحيح (٣).

قال القاضي عياض رحمهُ اللهُ: معنى "يُخزيك" يَفْضحك، ويُهينك، بل يُثَبِّتُك


(١) "المصباح المنير" ١/ ٤٩.
(٢) "الفتح" ١٢/ ٣٧٥ "كتاب التعبير" رقم (٦٩٨٢).
(٣) راجع: "شرح النوويّ" ٢/ ٢٠١، و"الفتح" ١/ ٣٣.