للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بأمره، أو مَن لا يستقلّ، وذلك كله مجموع فيما وصفته به. انتهى.

(وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ) بضمّ الدال، من صَدَقَ من باب نصر، قال المجد رحمهُ اللهُ: الصَّدْقُ بالكسر والفتح: ضدّ الْكَذِب، كالمصدوقة، أو بالفتح مصدر، وبالكسر اسم، صَدَقَ في الحديث، وصَدَقَ فُلانٌ الحَديثَ، والقتالَ. انتهى (١).

فقوله: "الحديث" منصوب على المفعوليّة، وفي رواية هشام بن عروة، عن أبيه في هذه القصّة زيادة: "وتؤدّي الأمانة" (٢).

(وَتَحْمِلُ الْكَلَّ) بفتح الكاف، هو مَن لا يَسْتَقِلّ بأمره، وأصله الثِّقَل، ومنه قوله تعالى: {وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ} الآية [النحل: ٧٦]، ويدخل في حَمْلِ الكَلِّ الإنفاق على الضعيف، واليتيم، والعيال، وغير ذلك، وهو من الكَلال، وهو الإعياء.

(وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ) بفتح التاء، هذا هو الصحيح المشهور، قال القاضي عياض رحمهُ اللهُ: وروايتنا في هذا عن أكثر شيوخنا "تَكْسِب" بفتح التاء، وعند بعضهم "تُكْسِبُ" بضمها، وبالوجهين قرأنا الحرف على الحافظ أبي الحسين في غير هذا الكتاب، وقال أبو العباس ثعلب، وأبو سليمان الخطابيّ، وجماعات من أهل اللغة: يقال: كسبتُ الرجلَ مالًا، وأكسبته مالًا لغتان، وأنشدوا:

فَأَكْسَبَنِي مَالًا وَأَكْسَبْتُهُ حَمْدًا

وأفصحهما باتفاقهم كسبته بحذف الألف.

ومعنى "تُكسِب المعدومَ" - عند من رواه بالضم -: تَكسب غيرَك المالَ المعدوم؛ أي: تعطيه إياه تبرُّعًا، فحُذِف أحد المفعولين، وقيل: معناه تُعطي الناسَ ما لا يجدونه عند غيرك من نفائس الفوائد، ومكارم الأخلاق، قال القاضي: وهذا أبلغ في المدح، وأشهر في خُلُق نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - قبل النبوّة وبعدها.

وأما رواية الفتح، فقيل: معناها كمعنى الضم، وقيل: معناها تُكسب المال المعدومَ، وتُصِيب منه ما يَعْجِز غيرُك عن تحصيله، وكانت العرب تتمادَحُ بكسب المال المعدوم، لا سيَّما قريش، وقد عُرفوا بـ "قُريش التجّار"، وسُمُّوا


(١) "القاموس المحيط" ص ٨١٠.
(٢) راجع: "الفتح" ١/ ٣٤.