للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الملساء المستوية التي يمر عليها الماء، فلا تنتفع به، وأشير إليها بقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ولم يقبل هدى الله الذي جئت به".

وقال الطيبيّ: بقي من أقسام الناس قسمان: أحدهما الذي انتفع بالعلم في نفسه، ولم يعلّمه غيره، والثاني من لَمْ ينتفع به في نفسه، وعلّمه غيره.

قال الحافظ: والأول داخل في الأول؛ لأنَّ النفع حصل في الجملة، وإن تفاوتت مراتبه، وكذلك ما تُنبته الأرض، فمنه ما ينتفع الناس به، ومنه ما يصير هشيمًا، وأما الثاني فإن كان عَمِل الفرائض، وأهمل النوافل، فقد دخل في الثاني، كما قررناه، وإنْ تَرَك الفرائض أيضًا فهو فاسق، لا يجوز الأخذ عنه، ولعله يدخل في عموم: "من لَمْ يرفع بذلك رأسًا"، والله أعلم. انتهى (١).

وقال في "العمدة": قال الخطابيّ: هذا مَثَل ضُرِب لمن قَبِل الهدي، وعَلِم، ثم عَلَّم غيره، فنفعه الله، ونفع به، ومن لَمْ يقبل الهدي، فلم ينفع بالعلم، ولم ينتفع به.

قال العينيّ: فعلى هذا لَمْ يجعل الناس على ثلاثة أنواع، بل على نوعين.

وقال الطيبيّ (٢): القسمة الثنائية هي المنصورة، وذلك أن "أصاب منها طائفةً" معطوف على "أصاب أرضًا"، والضمير في "منها" يرجع إلى مطلق الأرض المدلول عليه بقوله: "أرضًا"، ثم قُسمت الأرض الأولى -بحرف التعقيب في "فكانت"، وعطف "كانت"، على "كانت"- قسمين، فليزم اشتمال الأرض الأُولى على الطائفة الطيّبة، وعلى الأجادب، والثانية على عكسها، فالواو في و"كانت" ضمّت وِتْرًا إلى وتر، وفي "وأصابت" شفعًا إلى شفع، نظيره قوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ} [فاطر: ١٩، ٢٠]، وقوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} الآية [الأحزاب: ٣٥].


(١) "الفتح" ١/ ٣١٠ - ٣١١، كتاب "العلم" رقم (٧٩).
(٢) راجع: "الكاشف عن حقائق السُّنن" ٢/ ٦١٧ - ٦١٨.