للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قبل لحوقهم. انتهى (١).

وقال النوويّ: قال العلماء: أصله أن الرجل إذا أراد إنذار قومه، وإعلامهم بما يوجب المخافة نزع ثوبه، وأشار به إليهم، إذا كان بعيدًا منهم؛ ليخبرهم بما دَهَمَهُم، وأكثر ما يفعل هذا رَبِيئة القوم، وهو طليعتهم، ورقيبهم، قالوا: وإنما يَفعل ذلك؛ لأنه أبْيَن للناظر، وأغرب، وأشنع منظرًا، فهو أبلغ في استحثاثهم في التأهب للعدوّ، وقيل: معناه أنا النذير الذي أدركني جيش العدوّ، فأخذ ثيابي، فأنا أنذركم عريانًا. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قال ابن بطال -رَحِمَهُ اللهُ-: النذير العريان رجل من خَثْعم، حَمَل عليه رجل يوم ذي الْخَلَصة، فقطع يده، ويد امرأته، فانصرف إلى قومه، فحذّرهم، فضُرِب به المَثَل في تحقيق الخبر.

قال الحافظ: وسبق إلى ذلك يعقوب بن السِّكِّيت وغيره، وسَمَّى الذي حَمَل عليه عوف بن عامر اليشكريّ، وأن المرأة كانت من بني كنانة.

وتُعُقّب باستبعاد تنزيل هذه القصة على لفظ الحديث؛ لأنه ليس فيها أنه كان عريانًا، وزعم ابن الكلبيّ أن النذير العريان امرأة من بني عامر بن كعب لَمّا قَتَل المنذر بن ماء السماء أولاد أبي داود، وكان جار المنذر، خَشِيت على قومها، فرَكِبت جملًا، ولَحِقَت بهم، وقالت: أنا النذير العريان.

ويقال: أول من قاله أبرهة الحبشيّ لمّا أصابته الرَّمْية بتهامة، ورجع إلى اليمن، وقد سقط لحمه.

وذكر أبو بشر الآمديّ أن زنبرًا -بزاي، ونون ساكنة، ثم موحّدة- ابن عمرو الخثعميّ كان ناكحًا في آل زُبيد، فأرادوا أن يغزوا قومه، وخَشُوا أن يُنذر بهم، فحرسه أربعة نفر، فصادف منهم غِرَّةً، فقذف ثيابه، وعدا، وكان من أشدّ الناس عَدْوًا، فأنذر قومه.

وقال غيره: الأصل فيه أن رجلًا لقي جيشًا، فسلبوه، وأسروه، فانفلت إلى قومه، فقال: إني رأيت الجيش، فسلبوني، فرأوه عريانًا، فتحققوا صِدْقه؛


(١) "الكاشف عن حقائق السُّنن" ٢/ ٦١٢.
(٢) "شرح النوويّ" ١٥/ ٤٨.