للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثانيها: قوله: "وإني أنا"، ثالثها: قوله: "العريان"؛ لأنه الغاية في قرب العدوّ، ولأنه الذي يختصّ في إنذاره بالصدق. (فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ) كذا بالتذكير فيه؛ لأن المراد: بعض القوم (مِنْ قَوْمِهِ، فَأَدْلَجُوا) بهمزة قطع، ثم سكون؛ أي: ساروا أوّلَ الليل، أو ساروا الليل كله، على الاختلاف في مدلول هذه اللفظة، وأما بالوصل، والتشديد، على أن المراد به سير آخر الليل، فلا يناسب هذا المقام (١). قاله في "الفتح".

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فأدلجوا": بإسكان الدال، ومعناه: ساروا من أول الليل، يقال: أدلجت بإسكان الدال إِدْلاجًا؛ كأكرمت إكرامًا، والاسم الدَّلْجة، بفتح الدال، فإن خرجت من آخر الليل قلت: ادَّلَجتُ، بتشديد الدال، أدَّلِج ادِّلاجًا، بالتشديد أيضًا، والاسم: الدُّلْجة، بضم الدال، قال ابن قتيبة وغيره: ومنهم من يُجيز الوجهين في كلّ واحد منهما. انتهى (٢).

(فَانْطَلَقُوا عَلَى مُهْلَتِهِمْ) بضم الميم، وسكون الهاء، وفتح اللام؛ أي: على هِينتهم، ولفظ البخاريّ: "على مهلهم" بفتحتين، والمراد به الهِيْنة، والسكون، وبفتح أوله، وسكون ثانيه: الإمهال، وليس مرادًا هنا، قاله في "الفتح".

وقال النوويّ: قوله: "على مهلتهم" هكذا هو في جميع نُسخ مسلم، بضم الميم، وإسكان الهاء، وبتاء بعد اللام، وفي "الجمع بين الصحيحين": "مَهَلهم" بحذف التاء، وفتح الميم، والهاء، وهما صحيحان. انتهى (٣).

(وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ) قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: عبَّر في الفرقة الأولى بالطاعة، وفي الثانية بالتكذيب؛ لِيُؤْذن بأن الطاعة مسبوقة بالتصديق، ويُشعر بأن التكذيب مستتبع للعصيان. (فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ، فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ)؛ أي: أغار عليهم العدوّ وقت الصباح، وقال في "العمدة": "فَصَبَّحَهُمُ الجَيْشُ"؛ أي: أَتَوْهم صباحًا، هذا أصله، ثم استُعْمِل فيمن يَطْرُقُ بغتةً، في أيّ وقت كان. انتهى (٤).


(١) "الفتح" ١٤/ ٦٣٣، كتاب "الرقاق" رقم (٦٤٨٢).
(٢) "شرح النوويّ" ١٥/ ٤٩.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ٤٩.
(٤) "عمدة القاري" ٢٣/ ٧٦.