للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (وَإِنَّ عَرْضَهُ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى الْجُحْفَةِ) قال النوويّ -رحمه الله-: أما أيلة -فبفتح الهمزة، وإسكان المثناة تحتُ، وفتح اللام- وهي مدينة معروفة في طرف الشام على ساحل البحر، متوسطة بين مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودمشق، ومصر، بينها وبين المدينة نحو خمس عشرة مرحلة، وبينها وبين دمشق نحو ثنتي عشرة مرحلةً، وبينها وبين مصر نحو ثمان مراحل، قال الحازميّ: قيل: هي آخر الحجاز، وأول الشام.

وأما الجحفة فَسَبق بيانها في "كتاب الحج"، وهي بنحو سبع مراحل من المدينة، بينها وبين مكة. انتهى (١).

وقوله: (أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا) أصله تتنافسوا، فحُذفت منه إحدى التاءين؛ كقوله تعالى: {نَارًا تَلَظَّى} [الليل: ١٤]، و {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ} [القدر: ٤]، قال في "الخلاصة":

وَمَا بِتَاءَيْنِ ابْتُدِي قَدْ يُقْتَصَرْ … فِيهِ عَلَى تَا كَـ"تَبَيَّنُ الْعِبَرْ"

والتنافس من المنافسة، وهي الرغبة في الشيء، ومحبة الانفراد به، والمغالبة عليه.

وقوله: (قَالَ عُقْبَةُ) هو ابن عامر راوي الحديث -رحمه الله-، (فَكَانَتْ)؛ أي: هذه الرؤية (آخِرَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْمِنْبَرِ) بيّن به أن هذه الخطبة هي من أواخر ما خطب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أصحابه -رضي الله عنهم-.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله في الحديث الماضي، ولله الحمد والمنّة، وله الفضل والنعمة.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّل الكتاب قال:

[٥٩٦١] (٢٢٩٧) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَلأُنَازِعَنَّ أَقْوَامًا، ثُمَّ لأُغْلَبَنَّ عَلَيْهِمْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي، أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ").


(١) "شرح النوويّ" ١٥/ ٥٧ - ٥٨.