للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومقاساة شدّته (١).

وقال في "الفتح": اختُلِف في تسمية هذا الشهر رمضان، فقيل: لأنه تُرْمَض فيه الذنوب؛ أي: تُحرق؛ لأن الرمضاء شدّة الحرّ، وقيل: وافق ابتداء الصوم فيه زمنًا حارًا، والله أعلم. انتهى (٢).

(حَتَّى يَنْسَلِخَ)؛ أي: إلى أن ينتهي رمضان، وفي رواية للبخاريّ: "في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ"؛ أي: رمضانُ، قال في "الفتح": وهذا ظاهر في أنه كان يلقاه كذلك في كل رمضان منذ أُنزل عليه القرآن، ولا يختص ذلك برمضانات الهجرة، وإن كان صيام شهر رمضان إنما فُرض بعد الهجرة؛ لأنه كان يُسَمَّى رمضان قبل أن يُفرض صيامه. انتهى (٣).

(فَيَعْرِضُ) بكسر الراء، من العرض، بفتح، فسكون، والفعل من باب ضرب؛ أي: يقرأ (عَلَيْهِ)؛ أي: على جبريل -عليه السلام -، (رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْقُرْآنَ)؛ يعني: أنه - صلى الله عليه وسلم - يقرأ القرآن على جبريل عن ظهر قلبه، يقال: عَرَضتُ الكتابَ: إذا قرأته عن ظهر القلب، قاله الفيّوميّ -رحمه الله - (٤).

قال الجامع عفا الله عنه: هذه الرواية صريحة في كون النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي كان يعرض القرآن على جبريل، وقد عقد البخاريّ -رحمه الله - في "صحيحه" ترجمة بعكسه، فقال: "باب كان جبريل يَعرض القرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم -"، ووقع في رواية للبخاريّ بلفظ: "فيدارسه القرآن"، ولا تعارُض بينها؛ إذ يُحْمَل على أن كلّا منهما كان يعرض على الآخر، فيتدارسان، والله تعالى أعلم.

(فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ) - بفتح السين المهملة - أي: المبعوثة لنفع الناس، هذا إذا جعلنا اللام في الرِّيح للجنس، وإن جعلناها للعهد يكون المعنى: من الرِّيح المرسلة للرحمة، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} الآية [الأعراف: ٥٧]،


(١) "عمدة القاري" ١/ ٧٥.
(٢) "الفتح" ٥/ ٢٢٨، كتاب "الصوم" رقم (١٨٩٨).
(٣) "الفتح" ١١/ ٢١٨، كتاب "فضائل القرآن" رقم (٤٩٩٧).
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٤٠٢.