للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا يخفى ما فيه، فإن المثبت مُقَدَّم على النافي، إلا إن صَحِبَ النافي دليلُ نفيه فيُقَدَّم، والله أعلم.

وأخذ السُّهَيليّ هذه الرواية، فجَمَع بها المختلف في مكثه - صلى الله عليه وسلم - بمكة، فإنه قال: جاء في بعض الروايات المسندة أنّ مدة الفترة سنتان ونصف، وفي رواية أخرى أن مدة الرؤيا ستة أشهر، فمن قال: مَكَثَ عشر سنين حذف مدة الرؤيا والفترة، ومن قال: ثلاث عشرة أضافهما، وهذا الذي اعتمده السهيليّ من الاحتجاج بمرسل الشعبيّ لا يثبت، وقد عارضه ما جاء عن ابن عباس أن مدة الفترة المذكورة كانت أيامًا، قاله في "الفتح" (١).

[الرابع]: زاد البخاريّ في "كتاب التعبير" (٦٩٨٢) من رواية معمر عن الزهريّ بعد قوله: "ثم لم يَنْشَب ورقة أن تُوفِّي، وفتر الوحي" ما نصّه: "فترةً حتى حَزِن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا حُزْنًا غَدَا منه مرارًا كي يَتَرَّدى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذِرْوَة جبل لكي يُلقي منه نفسه تَبَدَّى له جبريل، فقال: يا محمد إنك رسول الله حقًّا، فيسكن لذلك جَأْشُهُ (٢)، وتَقَرّ نفسه، فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل، تبدى له جبريل، فقال له مثل ذلك".

[تنبيه]: زاد أبو عوانة في "مسنده" في آخر هذا الحديث ما نصّه: قال: فأخبرني عروة بن الزبير، قال: وقد كانت خديجة تُوفّيت قبل أن يُفرض من الصلاة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُريتُ لخديجة بيتًا من قَصَبِ لا سَخَبَ فيه، ولا نصب"، وهو قصب اللؤلوء. انتهى، والله تعالى أعلمَ بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "الفتح" ١/ ٣٦ - ٣٧.
(٢) "الجأش": النفس، فيكون قوله: "وتقرّ نفسه" تأكيدًا.