والرؤيا الصادقة، وإن كانت جزءًا من النبوة، فهي باعتبار صِدقها لا غير، وإلا لساغ لصاحبها أن يسمى نبيًّا، وليس كذلك.
ويَحْتَمِل أن يكون السؤال وقع عما في اليقظة، أو لكون حال المنام لا يخفى على السائل، فاقتصر على ما يخفى عليه، أو كان ظهور ذلك له -صلى الله عليه وسلم- في المنام أيضًا على الوجهين المذكورين، لا غير، قاله الكرماني. قال الحافظ: وفيه نظر.
وقد ذكر الْحَلِيميّ أن الوحي كان يأتيه على ستة وأربعين نوعًا -فذكرها- وغالبها من صفات حامل الوحي، ومجموعها يدخل فيما ذُكِر.
وحديثُ:"إن روح القدس نفث في رُوعي". أخرجه ابن أبي الدنيا في القناعة، وصححه الحاكم من طريق ابن مسعود -رضي الله عنه-. انتهى كلام الحافظ -رحمه اللهُ- (١).
(فِي مِثْلِ صُورَةِ الرَّجُلِ) وفي رواية البخاريّ: "وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلًا"، والتمثل مشتق من المَثَل؛ أي: يَتصور، "وأل" في "الملك" للعهد، والمعهود هو جبريل، وقد وقع التصريح به في رواية ابن سعد من طريق أبي سلمة الماجشون، ولفظه:"كان الوحي يأتيني على نحوين: يأتيني به جبريل، فيلقيه عليّ، كما يلقي الرجل على الرجل. . ." الحديث. وهو مرسل تقدم الكلام عليه.
وفيه دليل على أن الملك يتشكل بشكل البشر، قال المتكلمون: الملائكة أجسام علوية لطيفة، تتشكل أيَّ شكل أرادوا، وزعم بعض الفلاسفة أنها جواهر روحانية. ذكره في "الفتح".
[تنبيه]: المراد بالرَّجُلِ دحية بن خليفة الكلبيّ، وقد يكون غيره.
قال الحافظ السيوطيّ -رحمه اللهُ-: قال المتكلمون: الملائكة أجسام علوية لطيفة، تتشكل أيَّ شكل أرادوا.
وقد سأل عبد الحق الصَّقَلِيُّ إمامَ الحرمين حين اجتمع به بمكة عن هذه، وكيف كان جبريل يجيء مرّة في صورة دحية، وجاء مرة في هيئة رجل شديد