للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١/ ٤٨٩ و ٣/ ٣٩)، و (البيهقيّ) في "شُعَب الإيمان" (٥/ ٢٢٩)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان جواز فرق شعر الرأس.

٢ - (ومنها): أنه يؤخذ من قول ابن عباس -رضي الله عنهما- في الحديث: "كان يحب موافقة أهل الكتاب"، وقوله: "ثم فرق بعدُ" نَسْخ حكم تلك الموافقة، كما تقدّم.

٣ - (ومنها): أن بعض الأصوليين استدلّ به على أن شرع من قبلنا شرع لنا، ما لم يَرِدْ شرعنا بخلافه. وقال آخرون: بل هذا دليلٌ أنه ليس شرعًا لنا؛ لأنه قال: "يحبّ موافقتهم"، فأشار إلى خِيرته، ولو كان شرعًا لنا، لتحتّم اتّباعه. ذكره النوويّ.

قال الجامع عفا الله عنه: قد أسلفت قريبًا أن الأرجح هو القول بأن شرع من قبلنا شرع لنا بالشروط المذكورة في "التحفة المرضيّة"، فراجعها مع شرحها (١)، وبالله تعالى التوفيق.

٤ - (ومنها): ما قاله في "الفتح": ومما يُشْبه الفرق والسدل صبغ الشعر، وتَرْكه، كما تقدم، ومنها صوم عاشوراء، ثم أمر بنوع مخالفة لهم فيه بصوم يوم قبله أو بعده، ومنها استقبال القبلة، ومخالفتهم في مخالطة الحائض، حتى قال: "اصنعوا كل شيء إلا الجماع"، فقالوا: ما يَدَعُ من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه، وقد تقدم بيانه في "كتاب الحيض"، وهذا الذي استقر عليه الأمر.

٥ - (ومنها): ما قال ابن عبد البرّ -رحمه الله-: في هذا الحديث من الفقه تَرْك حَلْق شعر الرأس، وحبس الْجُمَم، وفيه دليل على أن حبس الجمّة أفضل من الحلق؛ لأن ما صنعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خاصته أفضل مما أقرّ الناس عليه، ولم ينههم عنه؛ لأنه في كل أحواله في خاصة نفسه على أفضل الأمور، وأكملها، وأرفعها -صلى الله عليه وسلم-، وفيه أيضًا من الفقه أن الفرق في الشعر سنةٌ، وأنه أَولى من السَّدْل؛ لأنه آخِر ما كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا الفرق لا يكون


(١) راجع: "المنحة الرضيّة" ٢/ ٢١١ - ٢٢٢.