للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد رُوِي أن أبا سفيان قال يوم أُحُد: اعْلُ هُبَلُ، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "قولوا: الله أعلى وأجل"، وقد صار هذا اللفظ بعرف الشرع في تكبير العبادات كلها، أذانًا، وصلاةً، وذكرًا بقوله: الله أكبر، وحُمِل عليه لفظ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الوارد على الإطلاق في مواردَ، منها قوله: "تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم" (١)، والشرع يقتضي بعرفه ما يقتضي بعمومه، ومن موارده أوقات الإهلال بالذبائح لله؛ تخليصًا له من الشرك، وإعلانًا باسمه في النسك، وإفرادًا لِمَا شُرع منه لأمره بالسفك، وهذا اللفظ "الله أكبرُ" هو المتعبَّد به في الصلاة، المنقول عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (٢).

[تنبيه]: الفاء في قوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣)} دخلت على معنى جواب الجزاء، كما دخلت في {فَأَنْذِرْ} أي: قُمْ، فأنذر، وقُمْ فكبّر ربك، قاله الزجاج، وقال ابن جني: هو كقولك: زيدًا فاضرب، أي: زيدًا اضرب، فالفاء زائدة. انتهى.

{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} [المدثر: ٤] قال أبو عبد الله القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه ثمانية أقوال:

[أحدهما]: أن المراد بالثياب العمل.

[الثاني]: القلب.

[الثالث]: النفس.

[الرابع]: الجسم.

[الخامس]: الأهل.

[السادس]: الخُلُق.

[السابع]: الدين.

[الثامن]: الثياب الملبوسات على الظاهر.

فمن ذهب إلى القول الأول قال: تأويل الآية: وعَمَلك فاصلح، قاله مجاهد، وابن زيد، ورَوَى منصور، عن أبي رَزِين قال: يقول: وعملك فأصلح، قال: وإذا كان الرجل خبيث العمل قالوا: إن فلان (خبيث الثياب، وإذا كان حَسَن العمل قالوا: إن فلانًا طاهر الثياب، ونحوه عن السُّدّيّ، ومنه قول الشاعر [من الرجز]:


(١) حديثٌ صحيح، رواه أبو داود.
(٢) راجع: "تفسير القرطبيّ" ١٩/ ٦٢.