ومن ذهب إلى القول الخامس قال: تأويل الآية: وأهلك فطهّرهم من الخطايا بالوعظ والتأديب، والعرب تسمي الأهل ثوبًا، ولباسًا، وإزارًا، قال الله تعالى:{هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}[البقرة: ١٨٧].
قال الماورديّ: ولهم في تأويل الآية وجهان: أحدهما: معناه: ونساءك فطهِّر باختيار المؤمنات العفائف، والثاني: الاستمتاع بهن في القبل دون الدبر، في الطهر لا في الحيض.
ومن ذهب إلى القول السادس قال: تأويل الآية: وخُلُقك فَحَسِّن، قاله الحسن، والقرظيّ؛ لأن خُلُق الإنسان مشتمل على أحواله اشتمال ثيابه على نفسه، وقال الشاعر:
ومن ذهب إلى القول السابع قال: تأويل الآية: ودينك فطَهّر، وفي "الصحيحين" عنه - صلى الله عليه وسلم - قال:"ورأيت الناس، وعليهم ثياب، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك، ورأيت عمر بن الخطاب وعليه إزار يجرُّه"، قالوا: يا رسول الله، فما أوَّلت ذلك؟ قال:"الدين"(١).
ورُوي عن مالك بن أنس - رضي الله عنه - في قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} [المدثر: ٤] أي: لا تلبسها على غَدْرة، ومنه البيت المتقدّم:
ثِيَابُ بَنِي عَوْفٍ طَهَارَى … البيت.
يعني بطهارة ثيابهم سلامتهم من الدناءات، ويعني بغُرّة وجوههم تنزيهم عن المحرمات، أو جَمَالهم في الخِلقة، أو كليهما، قاله ابن العربيّ.
وقال سفيان بن عيينة: لا تلبس ثيابك على كَذِب، ولا جَوْر، ولا غَدْر، ولا إثم، قاله عكرمة، ومنه قول الشاعر:
(١) أخرجه الشيخان بلفظ "القميص"، من حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بينا أنا نائم رأيت الناس يُعْرَضون عليّ، وعليهم قُمُصٌ، منها ما يبلغ الثُّدِيّ، ومنها ما دون ذلك، وعُرِض عليّ عمر بن الخطاب، وعليه قميص يَجُرُّه"، قالوا: فما أوّلت ذلك يا رسول الله؟ قال: "الدين".