للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقون ذُكروا في الباب.

شرح الحديث:

(عَنْ سِمَاكِ) بن حرب (أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ) -رضي الله عنهما- (يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ شَمِطَ) بفتح الشين المعجمة، وكسر الميم، من باب فَرِحَ؛ أي: صار سواد شعره مخالطًا لبياضه. (مُقَدَّمُ رَأْسِهِ، وَلحْيَتِهِ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "قد شَمِطَ مقدّم رأسه ولحيته"؛ أي: خالط الشيب ذينك الموضعين، ومقدم اللحية؛ يعني به: الْعَنْفَقة، كما قال أبو جحيفة: "رأيت هذه منه بيضاء؛ يعني: عنفقته، ومقدمه"؛ يعني به: الصِّدغين، كما قال أنس: إنما كان البياض في عَنْفَقته وصدغيه، وهذا يدلّ على أن قول أنس في الرواية الأخرى: إنه كان في لحية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورأسه عشرون شعرة بيضاء، إنَّما كان ذلك منه تقديرًا على جهة التقريب، والتقليل، لا التحقيق. انتهى (١).

(وَكَانَ إِذَا ادَّهَنَ)؛ أي: مسح شعره بالدهن، (لَمْ يَتَبَيَّنْ) ذلك الشَّمَط، (وَإِذَا شَعِثَ) بفتح أوله، وكَسْر ثانيه، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: شَعِثَ الشعرُ شَعْثًا، فهو شَعِثٌ، من باب تَعِبَ: تَغَيَّرَ، وتلبّد؛ لقلة تعهّده بالدهن، ورجل أَشْعَثُ، وامرأة شَعْثَاءُ، مثل أحمر وحمراء، والشَّعَثُ أيضًا الوَسَخُ، ورجل شَعِثٌ: وَسِخُ الجسد، شعث الرأس أيضًا، وهو أَشْعَثُ أغبر؛ أي: من غير استحداد، ولا تنظف، والشَّعَثُ أيضًا: الانتشار، والتفرق، كما يَتَشَعَّبُ رأس السواك. انتهى (٢)،

وقوله: (رَأْسُهُ) مرفوع على الفاعليّة بـ "شَعِثَ"، وقوله: (تبَيَّنَ) جواب "إذا".

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: يعني: أنه كان إذا تطيَّب بطيب يكون فيه دُهن فيه صفرة خَفِي شيبه، وهذه هي الصفرة التي رأى عليه ابن عمر، وأبو رمثة، والله أعلم.

وشعثُ الرأس: انتفاشُ الشعر؛ لعدم تسريحه، وأراد به هنا إذا لم يتطيَّب. انتهى (٣).


(١) "المفهم" ٦/ ١٣٣ - ١٣٤.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٣١٤.
(٣) "المفهم" ٦/ ١٣٤.