٢ - (ومنها): بيان جواز الحكم في حالة الغضب للنبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد اختُلف في الحاكم الأمين غيره -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والأرجح عدم الجواز؛ لأنَّ ذلك خاصّ بالنبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، دون غيره؛ لأنه معصوم في حالة الغضب؛ كحالة الرضا.
قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: [فإن قيل]: كيف حكم النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للزبير على الأنصاريّ في حال غضبه، وقد قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يقضي القاضي، وهو غضبان"؟.
[فالجواب]: أنا قدّمنا أن هذا معلّل بما يُخاف على القاضي من التشويش المؤدّي به إلى الغلط في الحكم، والخطأ فيه، والنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معصوم من الخطأ في التبليغ والأحكام، بدليل العقل الدالّ على صدقه فيما يبلّغه عن الله تعالى، وفي أحكامه، ولذلك قالوا: أنكتب عنك في الرضا والغضب؟ قال:"نعم"، فدلّ على أنَّ المراد بالحديث: من يجوز عليه الخطأ من القضاة، فلم يدخل النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك العموم. انتهى (١).
٣ - (ومنها): أن من سبق إلى شيء من مياه الأودية والسيول، التي لا تُملك، فهو أحقّ به، لكن ليس له إذا استغنى أن يحبس الماء عن الذي يليه.
٤ - (ومنها): أن الأَولى بالماء الجاري الأولُ، فالأولُ، حتى يستوفي حاجته، وهذا ما لَمْ يكن أصله ملكًا للأسفل، مختصًّا به، فليس للأعلى أن يشرب منه شيئًا، وإن كان يمرّ عليه.
٥ - (ومنها): أن القَدْر الذي يستحقّ الأعلى من الماء كفايته، وغاية ذلك أن يبلغ الماء إلى الكعبين.
٦ - (ومنها): أن للحاكم أن يشير بالصلح بين الخصمين، ويأمر به، ويرشد إليه، ولا يُلزمه به، إلَّا إذا رضي.
٧ - (ومنها): أن الحاكم يستوفي لصاحب الحقّ حقّه؛ إذا لَمْ يتراضيا، وأن يحكم بالحق لمن توجه له، ولو لَمْ يسأله صاحب الحقّ.
٨ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: أن فيه الاكتفاءَ من الخصوم بما