للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عاقبه بما حَكَم عليه به ثانيًا على ما بَدَر منه، وكان ذلك لمَّا كانت العقوبة بالأموال. انتهى. وقد وافق ابن الصباغ من الشافعية على هذا الأخير.

قال الحافظ: وفيه نظر، وسياق طُرُق الحديث يأبى ذلك، كما ترى لا سيما قوله: "واستَوْعَى للزبير حقّه، في صريح الحكم"، فمجموع الطّرُق دالّ على أنه أَمَرَ الزبير أَوّلًا أن يترك بعض حقه، وثانيًا أن يستوفي جميع حقه. قاله في "الفتح" (١)، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّلَ الكتاب قال:

[٦٠٩٥] (١٣٣٧) (٢) - (حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِي، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّب، قَالَا: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ، وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ").

رجال هذا الإسناد: سبعة:

١ - (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوف الزهريّ المدنيّ، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، ثقةٌ مكثرٌ فقيهٌ [٣] (ت ٩٠٤) أو (ت ١٠٤) وكان مولده سنة بضع وعشرين (ع) تقدّم في "شرح المقدّمة" ج ٢ ص ٤٢٣.

والباقون تقدّموا قريبًا.

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزهريّ أنه قال: (أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوف (وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّب، قَالَا: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ) (يُحَدِّثُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "مَا) شرطيّة، مبتدأ، (نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ)؛ أي: من المحرّمات، (فَاجْتَنِبُوهُ)؛ أي: ابتعدوا عنه، وفيه أنْ النهي على نقيض الأمر، وذلك أنه لا يكون مُمْتَثِلًا بمقتضى النهي حتى لا يفعل واحدًا من آحاد ما يتناوله النهي، ومن فعل واحدًا فقد خالف، وعصي، فليس في النهي إلَّا ترك ما نُهي عنه


(١) "الفتح" ٥/ ٣١٣.
(٢) هذا الرقم تقدّم، فهو مكرّر.