مطلقًا دائمًا، وحينئذ يكون ممتثلًا لِتَرْك ما أُمِر بتركه، بخلاف الأمر، وقد تقدّم تمام البحث في هذا في "كتاب الحجِّ".
(وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ)؛ أي: من ذلك المأمور به (مَا اسْتَطَعْتُمْ)"ما" موصولة مفعول "افعلوا"؛ أي: الذي تستطيعون فعله، أو هي مصدريّة؛ أي: افعلوا قدر استطاعتكم.
قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ-: هذا من قواعد الإسلام المهمّة، ومن جوامع الكلم التي أُعطيها -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ويدخل فيه ما لا يُحصَى من الإحكام؛ كالصلاة بأنواعها، فإذا عجز عن بعض أركانها، أو بعض شروطها أتى بالباقي، وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء، أو الغسل غَسَل الممكن، وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء لطهارته، أو لغسل النجاسة، فَعَل الممكن، وإذا وجبت إزالة منكرات، أو فطرة جماعة من تلزمه نفقتهم، أو نحو ذلك، وأمكنه البعض فعل الممكن، وإذا وجد ما يستر بعض عورته، أو حَفِظَ بعض الفاتحة أتى بالممكن، وأشباه هذا غير منحصرة. انتهى (١).
(فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)؛ أي: من اليهود والنصاري، و"من" بكسر الميم هي الجارّة بخلاف الرواية الآتية فإنها بفتح الميم موصولة، فتنبّه.
(كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ)؛ أي: سؤالهم ما لا ينبغي لهم سؤاله؛ كسؤالهم الرؤية، والكلام، وكقضيّة البقرة. (وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ")؛ يعني: أنهم إذا أمرهم الأنبياء بعد السؤال، أو قبله اختلفوا عليهم، فهلكوا، واستحقّوا الإهلاك.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الحديث متّفقٌ عليه، وقد استوفيت شرحه، وبيان مسائله في "كتاب الحجِّ" برقم [٧٠/ ٣٢٥٨](١٣٣٧) فإن شئت فارجع إليه، تستفد علمًا جمًّا، وبالله تعالى التوفيق.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّلَ الكتاب قال: