للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القرآن، والمواعظ، فقد رُوي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه سمع قارئًا يقرأ: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (٨)} [الطور: ٧، ٨]، فصاح صيحة خرَّ مغشيًّا عليه، فحُمِل إلى أهله، فلم يزل مريضًا شهرًا.

قال الجامع عفا الله عنه: في ثبوت هذا عن عمر -رضي الله عنه- نظر لا يخفى، فأين سنده؟ حتى ننظر فيه، ومعلوم أن عمر -رضي الله عنه-، وكذا بقيّة الصحابة -رضي الله عنهم- أحوالهم لا تخالف الآيتين السابقتين، فتأمل بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

قال: وروي أن زرارة بن أوفى قرأ: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨)} [المدثر: ٨]، فصَعِق، ومات في محرابه، وقرأ صالح المرِّيّ على أبي جهين فمات، وسمع الشافعيّ قارئًا يقرأ: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦)} [المرسلات: ٣٥، ٣٦]، فغُشِي عليه.

وسَمِع عليّ بن الفضل قارئًا يقرأ: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦)} [المطففين: ٦]، فسقط مغشيًّا عليه.

فالجواب: أين الدرُّ من الصدف، والمسك من الجيف؟ هيهات، قياس الملائكة بالحدَّادين، والمحقِّقين بالممخرقين.

فإنْ كنت -يا من لُبِّس عليه- تدَّعي أنك على نَعْتهم، فمُتْ كموتهم، فتنبَّه لبهرجتك؛ فإنَّ الناقد بصير، والمحاسب خبير، ثم يقال لمن صرخ في حال خطبة الجمعة: إن كنت قد ذهب عقلك حال صعقتك، فقد خَسِرت في صفقتك؛ إذ قد سُلِب عقلك، وذهب فهمك، ولحقت بغير المكلفين، وصرت كالصبيان، والمجانين، وحُرِمت سماع الموعظة، وشهود الخطبة، وقد قال مشايخ الصوفية: مهما كان الوارد مانعًا من القيام بفرض، ومانعًا من الخير فهو من الشيطان، ثم يلزم من ذهب عقله أن ينتقض وضوؤه، فإنْ صلى بعد تلك الغشية الجمعة، ولم يتوضأ، كان كمن لم يشهد الخطبة، ولا صلى، فأي صفقة أخسر ممن هذه صفقته؟ وأيّ مصيبة أعظم ممن هذه مصيبته؟ وإن كان وقت صراخه في عقله، فقد تكلم في حال الخطبة، وشَوّش على الحاضرين سماعها، وأظهر بدعة في مجتمع الناس، وعَرَّضهم؛ لأنه يجب عليهم تغييرها، فإنْ لم يفعلوا عَصَوا، فقد عصى الله من جهات متعددة، وحمَل الناس على المعصية، إلى ما ينضاف إلى ذلك من رياء كامنٍ في القلب، وفِسق ظاهر على