للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "العمدة": قوله: "عائذًا بالله" على وزن فاعل مصدر؛ لأن المصدر قد يجيء على هذا الوزن، كما في قولهم: عافاه الله عافيةً، فعلى هذا انتصابه على المصدرية، تقديره: أعوذ عائذًا بالله؛ أي: أعوذ عياذًا بالله، ويجوز أن يكون "عائذًا" على بابه، ويكون منصوبًا على الحال، وذو الحال محذوف، تقديره: أعوذ حال كوني عائذًا بالله، ورُوي "عائذٌ بالله" بالرفع، على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: أنا عائذ بالله. انتهى (١).

(مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ) -بضم السين المهملة، بعدها واو، ثم همزة- وللكشميهنيّ (٢) "شَرّ" بفتح المعجمة وتشديد الراء، وإضافة السوء إلى الفتن بمعنى "من"، ويَحْتَمِل أن يكون من إضافة الصفة للموصوف؛ أي: الفتن السوء، قال المجد -رَحِمَهُ اللهُ-: ساءَهُ سَوْءًا، وسَوَاءً، وسَوَاءَةً، وسَوَايَةً، وسَوَائِيَةً، ومَسَاءَة، ومَسَائِيَةً -مَقْلُوبًا وأَصْلُهُ: مَسَاوِئَةً- ومَسَايَةً، ومَسَاءً، ومَسَائِيَّةً: فَعَلَ به ما يَكْرَهُ، فاسْتَاءَ هو، والسُّوءُ بالضم: الاسْمُ منه، قال: ولا خَيْرَ في قَوْلِ السَّوْءِ بالفتح، والضم، إذا فَتَحْتَ فَمَعْنَاه: في قَوْلٍ قَبيحٍ، وإذا ضَمَمْتَ، فمعناه: في أَنْ تَقُولَ سُوءًا، وقُرِئ: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التوبة: ٩٨] بالوَجْهَيْن؛ أي: الهَزِيمةِ، والشَّرِّ، والرَّدَى، والفَسَادِ، وكذا: {أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ} [الفرقان: ٤٠]، أو المَضْمُومُ: الضَّرَرُ، والمَفْتُوحُ: الفَسَادُ، والنَّارُ، ومنه: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى} [الروم: ١٠] في قِرَاءَةٍ. انتهى (٣).

قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قول عمر -رضي الله عنه-: "رضينا بالله ربًّا. . . إلخ" كلام يقتضي إفراد الحقّ بما يجب له تعالى من الربوبية، ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- من الرسالة اليقينية، والتسليم لأمرهما، وحُكمهما بالكلية، والاعتراف لدين الإسلام بأنه أفضل الأديان، وإنما صدَّر عمر -رضي الله عنه- كلامه بنون الجمع؛ لأنه متكلِّم عن نفسه، وعن كل من حضر هنالك من المسلمين. انتهى (٤).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- أيضًا: قوله: "عائذٌ بالله من الفتن" كذا صحَّت الرواية


(١) "عمدة القاري" ٧/ ٧٨ - ٧٩.
(٢) أي: عند البخاريّ، لا عند مسلم، فتنبّه.
(٣) "القاموس المحيط" ١/ ٥٤.
(٤) "المفهم" ٦/ ١٦٢.