للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حينما سأل، (يُلَقِّحُونَهُ) بتشديد القاف من التلقيح، أو بالتخفيف، من الإلقاح، وقد فسّره بقوله: (يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ فِي الأُنْثَى)؛ معناه: شقّ طَلْع النخلة الأنثى؛ لِيُذَرَّ فيه شيء من طلع النخلة الذَّكَر، قاله في "الفتح".

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "يُلقّحونه"؛ بمعنى: يَأْبِرُون في الرواية الأخرى، ومعناه: إدخال شيء من طلع الذكر في طلع الأنثى، فتَعْلَقُ (١) بإذن الله تعالى. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "يلقِّحونه" مضارع ألقحَ الفحلُ الناقةَ، والريحُ السحابَ، ورياحٌ لواقحُ، ولا يقال: مَلاقح، وهو من النوادر، وقد قيل: الأصل فيه: مُلْقِحة، ولكنها لا تُلْقِح إلا وهي في نفسها لاقح، ويقال: لَقِحَت الناقة -بالكسر- لَقَحًا ولَقَاحًا بالفتح، فهي لاقح، واللَّقَاحُ أيضًا -بالفتح- ما تُلْقَحُ به النخل. انتهى (٣).

وقال في "التاج: الإِلقَاحُ، والتَّلقيح: أَن يَدَعَ الكَافُورَ، وهو وِعاءُ طَلْع النَّخْل ليَلتَينِ، أَو ثلاثًا بعد انْفلاقه، ثمّ يَأْخذَ شِمْرَاخًا من الفُحَّال، قال الأَزهريّ: وأَجودُه ما عَتُقَ، وكانَ من عَامِ أَوّل، فيدُسُّونَ ذلك الشِّمْرَاخَ في جَوْفِ الطَّلْعَة، وذلك بقَدرٍ، قال: ولا يَفعل ذلك إِلّا رَجلٌ عالمٌ بِما يَفعَل منه؛ لأَنّه إِن كان جاهِلًا، فأَكْثَرَ منه أَحرَقَ الكَافُورَ، فأَفسدَه، وإِنْ أَقلَّ منه صارَ الكافُورُ كثيرَ الصِّيصاءِ؛ يعني بالصِّيصاءِ: ما لا نَوَى له، وإِن لم يَفعل ذلك بالنَّخلة لم يُنتَفع بطَلْعِها ذلك العامَ. انتهى (٤).

(فَيَلْقَحُ)؛ أي: تحمل تلك الأنثى، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا) نافية، (أَظُنُّ يُغْنى ذَلِكَ شَيْئًا")؛ أي: ما أظنّ أنه ينفع شيئًا، إنما قاله -صلى الله عليه وسلم- على سبيل الظنّ؛ لأنه لم يمارس الفِلاحة والزراعة، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قالوا: ورأيه -صلى الله عليه وسلم- في أمور المعاش، وظنّه كغيره، فلا يمتنع وقوع مثل هذا، ولا نَقْص في ذلك، وسببه تعلّق همّهم بالآخرة ومعارفها. انتهى.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "ما أظنّ ذلك يغني شيئًا"؛ يعني به: الإبار،


(١) من باب تَعِب؛ أي: تحمل.
(٢) "شرح النوويّ" ١٥/ ١١٧.
(٣) "المفهم" ٦/ ١٦٧ - ١٦٨.
(٤) "تاج العروس" ١/ ١٧٣٤.