للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(طَوِيلٌ، فَوْقَ الْحِمَار، وَدُونَ الْبَغْلِ) الظرف متعلّق بصفة بعد الصيم لـ "دابّة"، أو بحال منه (يَضَعُ حَافِرَهُ) واحد حوافر الدابّة، وقد يُستعار للقدم كما في قول الشاعر [من الطويل]:

فَمَا بَرِحَ الوِلْدَانُ حَتَّى رَأَيْتُهُ … عَلَى البَكْرِ يَمْرِيهِ بِسَاقٍ وَحَافِرِ

قاله في "الصحاح" (١).

(عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ) أي: عند نهاية نظرها، فـ "الطَّرْفُ" - بفتح، فسكون -: مصدرُ طَرَفَ، يقال: طَرَفَ البَصَرُ طَرْفًا، من باب ضَرَبَ: تحرّك، وطَرْفُ العين: نَظَرُها، ويُطلق على الواحد وغيره؛ لأنه مصدرٌ، قاله الفيّوميّ (٢)، وفي رواية النسائيّ: "خَطْوُها عند منتهى طَرْفِها"، والخَطْو بالفتح مصدر خطأ يخطو: إذا مشى.

وفي حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - عند أبي يعلى والبزَّار: "إذا أتى على جبل ارتفعت رجلاه، وإذا هَبَط ارتفعت يداه"، وفي رواية لابن سعد، عن الواقديّ بأسانيده: "له جناحان"، قال الحافظ: ولم أرَها لغيره، وعند الثعلبيّ بسند ضعيف، عن ابن عباس في صفة البراق: "لها خَدّ كخدّ الإنسان، وعَرْف كالفرس، وقوائم كالإبل، وأظلاف وذَنَب كالبقر، وكان صدره ياقوتة حمراء".

قيل: ويؤخذ من ترك تسمية سير البراق طيرانًا أن الله إذا أكرم عبدًا بتسهيل الطريق له، حتى قطع المسافة الطويلة في الزمن اليسير أن لا يَخرُج بذلك عن اسم السفر، وتجري عليه أحكامه.

قال ابن أبي جمرة - رَحِمَهُ اللهُ -: خُصَّ البراق بذلك إشارة إلى الاختصاص به؛ لأنه لم يُنقَل أن أحدًا ملكه، بخلاف غير جنسه من الدواب، قال: والقدرة كانت صالحة لأن يصعد بنفسه من غير براق، ولكن ركوب البراق كان زيادةً له في تشريفه؛ لأنه لو صَعِدَ بنفسه لكان في صورة ماشٍ، والراكب أعزّ من الماشي.

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (فَرَكِبْتُهُ) أي: البراق (حَتَّى أتيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ) فيه لغتان مشهورتان غايةَ الشهرة:


(١) "صحاح الجوهريّ" ٢/ ٥٥٠.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٣٧١.