وقيل: هي ابنة أخيه، وكان ذلك جائزًا في تلك الشريعة، حكاه ابن قتيبة، والنقّاش، واستُبْعِد، وقيل: بل هي بنت عمة، وتوافق الاسمان، وقد قيل في اسم أبيها: توبل، ذكره في "الفتح"(١).
(فَإِنَّهُ)؛ أي: إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلام- (قَدِمَ) بكسر الدال، (أَرْضَ جَبَّارٍ)، واسم الجبار المذكور: عمرو بن امرئ القيس بن سبأ، وأنه كان على مصر، ذكره السهيليّ، وهو قول ابن هشام في "التيجان"، وقيل: اسمه صادوق، وحكاه ابن قتيبة، وكان على الأردنّ، وقيل: سنان بن علوان بن عبيد بن عريج بن عملاق بن لاود بن سام بن نوح، حكاه الطبريّ، ويقال: إنه أخو الضحاك الذي مَلَك الأقاليم.
وقوله:(وَمَعَهُ سَارَةُ) جملة حاليّة من الفاعل، وكذا قوله:(وَكَانَتْ أَحْسَنَ النَّاسِ) تقدّم في "صحيح مسلم" في حديث الإسراء الطويل من رواية ثابت، عن أنس في ذكر يوسف:"أُعطيَ شطر الحُسْن"، زاد أبو يعلى من هذا الوجه:"أُعطي يوسف، وأمه شطر الحُسْن"؛ يعني: سارة، وفي رواية للبخاريّ:"هاجر إبراهيم بسارة، فدخل بها قرية، فيها ملك، أو جبار، فقيل: دخل إبراهيم بامرأة، هي من أحسن النساء"، وفي رواية البخاريّ:"فقيل له: إن ها هنا رجلًا، معه امرأة، من أحسن الناس".
(فَقَالَ) إبراهيم (لَهَا)؛ أي: لسارة، (إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ إِنْ يَعْلَمْ)"إن" شرطيّة، ولذا جُزم الفعل بها بعدها، (أَنَّكِ امْرَأَتِي)؛ أي: زوجتي، (يَغْلِبْنِي عَلَيْكِ) ظاهر هذا أن هذا القول قاله إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلام- قبل أن يلقى الجبّار، ويتكلّم معه، وفي رواية البخاريّ:"فأرسل إليه، فسأله عنها، فقال: من هذه؟ قال: أختي، فأتى سارة، فقال: يا سارة ليس على وجه الأرض. . . إلخ"، وهذا ظاهر في أنه سأله عنها أوّلًا، ثم أعلمها بذلك؛ لئلا تكذّبه عنده.
ووجْه الجمع بينهما -كما في "الفتح"- أن يقال: إن إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلام- أحسّ بأن الملك سيطلبها منه، فأوصاها بما أوصاها، فلما وقع ما حَسِبه أعاد عليها الوصية.
(١) "الفتح" ٧/ ٦٤٧ - ٦٤٩، كتاب "الأنبياء" رقم (٣٣٥٧ و ٣٣٥٨).