٦ - (ومنها): كفاية الرب -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لمن أخلص في الدعاء بعمله الصالح، وسيأتي نظيره في قصة أصحاب الغار.
٧ - (ومنها): أن فيه ابتلاءَ الصالحين لرفع درجاتهم، ويقال: إن الله تعالى كشف لإبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَام- حتى رأى حال الملك مع سارة معاينةً، وأنه لَمْ يصل منها إلى شيء، ذكر ذلك في "التيجان"، ولفظه: فأمر بإدخال إبراهيم وسارة عليه، ثم نحى إبراهيم إلى خارج القصر، وقام إلى سارة، فجعل الله القصر لإبراهيم كالقارورة الصافية، فصار يراهما، ويسمع كلامهما.
٨ - (ومنها): بيان أن من نابه أمر مهمّ من الكرب، ينبغي له أن يَفْزَع إلى الصلاة، وقد تقدم حديث حذيفة - رضي الله عنه -: "كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا حزبه أمر صلّى"، وهو حديث حسن، رواه أبو داود.
٩ - (ومنها): بيان أن الوضوء كان مشروعًا للأمم قبلنا، وليس مختصًّا بهذه الأمة، ولا بالأنبياء؛ لثبوت ذلك عن سارة، وإنما الذي اختصتّ به هذه الأمة هو الغرة والتحجيل، وذهب بعضهم إلى نبوّة سارّة، والجمهور على أنَّها ليست بنبيّة (١).
١٠ - (ومنها): ما كتبه النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ- عند قوله:"لَمْ يكذب إبراهيم … إلخ": قال المازريّ: أما الكذب فيما طريقه البلاغ عن الله تعالى، فالأنبياء معصومون منه، سواء كثيرة وقليله، وأما ما لا يتعلق بالبلاغ، ويُعَدّ من الصفات؛ كالكذبة الواحدة في حقير من أمور الدنيا، ففي إمكان وقوعه منهم، وعصمتهم منه القولان المشهوران للسلف والخلف.
وقال القاضي عياض: الصحيح أن الكذب فيما يتعلق بالبلاغ لا يُتصور وقوعه منهم، سواء جوّزنا الصغائر منهم، وعِصمتهم منه، أم لا، وسواء قَلَّ الكذب، أم كثُر؛ لأنَّ منصب النبوة يرتفع عنه، وتجويزه يرفع الوثوق بأقوالهم.
وأما قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ثنتين في ذات الله تعالى، وواحدة في شأن سارة"،
(١) "الفتح" ٧/ ٦٤٧ - ٦٤٩، كتاب "الأنبياء" رقم (٣٣٥٧ و ٣٣٥٨)، و"عمدة القاري" ١٥/ ٢٥٠.