للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اكتب عمله، ورزقه، وأَجَله، وشقيّ، أو سعيد". وهو في "الصحيحين" وغيرهما، وما ورد في معناه من الأحاديث الصحيحة.

وأجابوا عن قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (٣٩)} [الرعد: ٣٩] بأن المعنى: يمحو ما يشاء، من الشرائع، والفرائض بنَسْخه، ويُبْدله، ويثْبِت ما يشاء، فلا ينسخه، وجملة الناسخ والمنسوخ عنده في أم الكتاب.

ولا يخفى أن هذا تخصيص لعموم الآية لغير مخصّص، وأيضًا: يقال لهم: إن القلم قد جرى بما هو كائن إلى يوم القيامة، كما في الأحاديث الصحيحة، ومن جملة ذلك الشرائع، والفرائض، فهي مثل العمر، إذا جاز فيها المحو والإثبات جاز في العمر المحو والإثبات.

وقيل: المراد: محو ما في ديوان الحفظة مما ليس بحسنة، ولا سيئة؛ لأنهم مأمورون بكَتْب كل ما ينطق به الإنسان. ويجاب عنه بمثل الجواب الأول.

وقيل: يغفر الله ما يشاء من ذنوب عباده، ويترك ما يشاء، فلا يغفره. ويجاب عنه بمثل الجواب السابق.

وقيل: يمحو ما يشاء من القرون؛ كقوله: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (٣١)} [يس: ٣١]، وكقوله: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (٣١)} [المؤمنون: ٣١]، فيمحو قرنًا، ويثبت قرنًا. ويجاب عنه بمثل ما تقدّم.

وقيل: هو الذي يعمل بطاعة الله ما يعمل، ثم يعمل بمعصيته، فيموت على ضلالة، فهذا الذي يمحو الله، والذي يكتبه الرجل يعمل بمعصية الله، ثم يتوب، فيمحو الله من ديوان السيئات، ويُثْبته في ديوان الحسنات.

وقيل: يمحو ما يشاء؛ يعني: الدنيا، ويثبت الآخرة. وقيل غير ذلك.

وكل هذه الأقوال دعاوي مجرّدة، ولا شكّ أن آية المحو والإثبات عامّة لكلّ ما يشاؤه سبحانه، فلا يجوز تخصيصها إلَّا لمخصص، وإلا كان من التقوّل على الله بما لَمْ يقل، وقد توعّد الله سبحانه على ذلك، وقَرَنه بالشرك، فقال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)} [الأعراف: ٣٣].