للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جماعة: الألف، والنون زائدتان للتأكيد، وبين ظَهْرَيْهِمْ، وبين أَظْهُرِهِمْ، كلها بمعنى: بينهم، وفائدة إدخاله في الكلام، أن إقامته بينهم على سبيل الاستظهار بهم، والاستناد إليهم، وكأن المعنى أن ظَهْرًا منهم قُدَّامه، وظَهْرًا وراءه، فكأنه مكنوف من جانبيه، هذا أصله، ثم كَثُر، حتى استُعْمِل في الإقامة بين القوم، وإن كان غير مكنوف بينهم. انتهى (١).

وقال في "العمدة": قوله: "أظهرنا" مُقْحَم، وقد يُوَجَّه عدم إقحامه، وهو أنه جَمْع ظَهْر، ومعناه أنه بينهم على سبيل الاستظهار، كأن ظهرًا منهم قُدّامه، وظهرًا وراءه، فهو مكنوف من جانبيه؛ إذا قيل: "بين ظهرانيهم"، ومن جوانبه، إذا قيل: "بين أظهرهم". انتهى (٢).

(قَالَ) أبو هريرة - رضي الله عنه - (فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِم) كنيته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، (إِنَّ لِي ذِمَّةً) بكسر الذال المعجمة؛ أي: عهدًا، فقوله: (وَعَهْدًا) عَطْف تفسير؛ يعني: أن لي مع المسلمين عهدًا أن لا يؤذونني، فَلِمَ أُخْفَر ذمتي، ويُنقض عهدي باللطم؟

وقال الأبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "إن لي ذمّةً وعهدًا" قاله تمهيدًا، وتوطئةً لشكواه. انتهى (٣).

(وَقَالَ: فُلَانٌ)؛ يعني: الرجل المسلم (لَطَمَ وَجْهِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) للمسلم اللاطم ("لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟ ") قال الأبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هذا إن كان سؤالًا عن وقوع اللطم، فهو الأصل؛ أعني: سؤال المدَّعَى عليه أَوّلًا، هل يُقِرّ، أو يُنكِر؟ وإن كان عن سبب اللطم، فهو الأظهر للقرائن الدالّة على أنه لَطَمه، أو لإقرار الصحابيّ بذلك، وإلا فلا يُقبل قول اليهوديّ. انتهى (٤).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "فلا يُقبل … إلخ" فيه نظر؛ لأنه خلاف ما أفاده ظاهر الحديث، فليُتأمّل بالإمعان، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) اللاطم: (قَالَ)؛ يعني: اليهوديّ، وقوله: (يَا رَسُولَ اللهِ) جملة معترضة بين القول ومقوله، وهو قوله: (وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَام- عَلَى الْبَشَرِ)


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٣٨٧.
(٢) "عمدة القاري" ١٦/ ٤.
(٣) "شرح الأبّيّ" ٦/ ١٦٥.
(٤) "شرح الأبّيّ" ٦/ ١٦٥ - ١٦٦.