للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البعث، وقيل: هما نفختان: نفخة الفزع هي نفخة الصعق؛ لأنَّ الأمرين لا زمان لها، والله تعالى أعلم، قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (١).

(فَيَصْعَقُ) بفتح أوله وثالثه، يقال: صَعِق صَعَقًا، من باب تَعِبَ: إذا مات، وصَعِقَ أيضًا: إذا غُشِيَ عليه لصوت سَمِعه، ذكره الفيّوميّ (٢)، وقال في "الفتح": والمراد بالصعق: غَشْيٌ يَلحَق من سمع صوتًا، أو رأى شيئًا يُفْزَع منه. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: أصل الصعق، والصعقة: الصوت الشديد المنكر، كصوت الرعد، وصوت الحمار، وقد يكون معه موت؛ لشدَّته، وهو المراد بقوله: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} الآية [الزمر: ٦٨]، وقد تكون معه غشية، وهو المراد بقوله تعالى: {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: ١٤٣]، فإنْ كان معه نار فهو: الصاعقة، والعرب كلها تقدم العين على القاف، إلَّا بني تميم؛ فإنَّهم يقدمون القاف على العين، فيقولون: الصاقعة، حكاها القاضي عياض. انتهى (٤).

(مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ، إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ) قد اختُلِف في المستثني، من هو؟ فقيل: الملائكة، وقيل: الأنبياء، وقيل: الشهداء، قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: والصحيح أنه لَمْ يَرِد في تعيينهم خبر صحيح، والكل محتمل، والله تعالى أعلم. انتهى (٥).

(قَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أخْرَى)؛ أي: نفخة أخرى، (فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ) بالبناء للمفعول؛ أي: أُحيي من صَعْقته، وفي الرواية التالية: "فأكون أول من يُفيق"، قال في "الفتح": لَمْ تختلف الروايات في "الصحيحين" في إطلاق الأولية، ووقع في رواية إبراهيم بن سعد عند أحمد، والنسائيّ: "فأكون في أول من يفيق"، أخرجه أحمد، عن أبي كامل، والنسائي من طريق يونس بن محمد، كلاهما عن إبراهيم، فعُرف أن إطلاق الأولية في غيرها محمول عليها،


(١) "المفهم" ٦/ ٢٣١.
(٢) راجع: "المصباح المنير" ١/ ٣٤٠.
(٣) "الفتح" ٨/ ١٠.
(٤) "المفهم" ٦/ ٢٣١.
(٥) "المفهم" ٦/ ٢٣١.