من يفيق"، وهي رواية صحيحة، وحسنة، فهذا الذي ظهر لي، والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وقد تحصَّل من هذا الحديث أن نبيَّنا محمدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَقَّقٌ أنه أول من يُفيق، وأول من يخرج من قبره قبل الناس كلهم؛ الأنبياءِ وغيرهم، إلَّا موسى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنَّه حصل له فيه تردد، هل بُعث قبله، أو بقي على الحالة التي كان عليها قبل نفخة الصعق؟ وعلى أي الحالين كان، فهي فضيلة عظيمة لموسى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليست لغيره. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (١)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.
وقال في "الفتح": والجمع بينه وبين قوله: "أو كان ممن استثنى الله" أن في رواية ابن الفضل، وحديث أبي سعيد بيانَ السبب في استثنائه، وهو أنه حوسب بصعقته يوم الطور، فلم يُكَلَّف بصعقة أخرى، والمراد بقوله: "ممن استثنى الله" قوله: {إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}.
وأغرب الداودي الشارح، فقال: معنى قوله: "استثنى الله"؛ أي: جعله ثانيًا، كذا قال، وهو غلط شنيع.
وقد وقع في مرسل الحسن في "كتاب البعث" لابن أبي الدنيا في هذا الحديث: "فلا أدري، أكان ممن استثنى الله أن لا تصيبه النفخة، أو بُعِث قبلي؟ ".
وزعم ابن القيم في "كتاب الروح" أن هذه الرواية، وهو قوله: "أكان ممن استثنى الله" وهَمٌ من بعض الرواة، والمحفوظ: "أو جوزي بصعقة الطور"، قال: لأنَّ الذين استثنى الله قد ماتوا من صعقة النفخة، لا من الصعقة الأخرى، فظنّ بعض الرواة أن هذه صعقة النفخة، وأن موسى داخل فيمن استثنى الله، قال: وهذا لا يلتئم على سياق الحديث، فإن الإفاقة حينئذ هي: إفاقة البعث، فلا يحسن التردد فيها، وأما الصعقة العامة، فإنها تقع إذا جمعهم الله تعالى لفصل القضاء، فيصعق الخلق حينئذ جميعًا، إلَّا من شاء الله، ووقع التردد في موسى -عَلَيْهِ السَّلَام-. قال: ويدل على ذلك قوله: "فأكون أول من