للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصلاة ذات الأركان على ظاهر الحديث؛ إذ لا داعي إلى التأويل، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

قال: فلما دخل - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بيت المقدس، وأُسري به أُسري بموسى حتى رآه في السماء السادسة، وجرى بينه وبينه من الكلام ما تقدَّم ذِكرنا له، وكذلك رؤيته سائر الأنبياء الذين في خبر مالك بن صعصعة.

فأما قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في خبر مالك بن صعصعة: "بينما أنا في الحطيم؛ إذ أتاني آتٍ، فشقّ ما بين هذه إلى هذه"، فكان ذلك له فضيلةً، فُضِّل بها على غيره، وأنه من معجزات النبوة؛ إذ البشر إذا شُقّ عن موضع القلب منهم، ثم استُخرج قلوبهم ماتوا.

وقوله: "ثم حُشِي" يريد أن الله جل وعلا حشا قلبه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اليقين، والمعرفة الذي كان استقراره في طست الذهب، فنُقل إلى قلبه، ثم أُتي بدابة، يقال لها: البراق، فحُمل عليه من الحطيم، أو الحِجْر، وهما (١) جميعًا في المسجد الحرام، فانطلق به جبريل، حتى أتى به على قبر موسى، على حسب ما وصفناه، ثم دخل مسجد بيت المقدس، فخَرَق جبريل الصخرة بإصبعه، وشدّ بها البراق، ثم صعد به إلى السماء. ذِكْرُ شدّ البراق بالصخرة في خبر بريدة، ورؤيته موسى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي في قبره ليسا جميعًا في خبر مالك بن صعصعة. فلما صعد به إلى السماء الدنيا، استفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قيل: وقد أُرسل إليه؟ يريد به: وقد أرسل إليه ليسرى به إلى السماء؟ لا أنهم لَمْ يعلموا برسالته إلى ذلك الوقت؛ لأنَّ الإسراء كان بعد نزول الوحي بسبع سنين، فلما فُتح له، فرأى آدم على حسب ما وصفنا قبل، وكذلك رؤيته في السماء الثانية: يحيى بن زكريا، وعيسى ابن مريم، وفي السماء الثالثة: يوسف بن يعقوب، وفي السماء الرابعة: إدريس، ثم في السماء الخامسة: هارون، ثم في السماء السادسة: موسى، ثم في السماء السابعة: إبراهيم؛ إذ جائز أن الله جل وعلا أحياهم؛ لِأنْ يراهم المصطفى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في تلك الليلة، فيكون ذلك آية معجزة يُستدلّ بها على نبوّته،


(١) هذا يقتضي أنهما شيئان، والظاهر أنهما شيء واحد، فليُتأمل، والله تعالى أعلم.