للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المكتل يضطرب، حتى سقط في البحر، فأمسك الله جرية الماء عن موضع دخوله، حتى كان مثل الطاق، وهو النَّقْب الذي يدخل منه. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "هو أعلم منك" هذا ظاهر في أن الخضر نبيّ، بل نبيّ مرسل؛ إذ لو لم يكن كذلك للزم تفضيل العالي على الأعلى، وهو باطل من القول، ولهذا أورد الزمخشري سؤالًا، وهو: دلت حاجة موسى إلى التعلّم من غيره أنه موسى بن ميشا كما قيل؛ إذ النبيّ يجب أن يكون أعلم أهل زمانه، وأجاب عنه بأنه لا نقص بالنبيّ في أخذ العلم من نبيّ مثله.

قال الحافظ: وفي الجواب نظر؛ لأنه يستلزم نفي ما أوجب، والحقّ أن المراد بهذا الإطلاق تقييد الأعلمية بأمر مخصوص؛ لقوله بعد ذلك: "إني على علم من علم الله علّمنيه، لا تعلمه أنت، وأنت على علم علّمكه الله، لا أعلمه"، والمراد بكون النبيّ أعلم أهل زمانه؛ أي: ممن أُرسل إليه، ولم يكن موسى مرسلًا إلى الخضر، وإذًا فلا نقص به إذا كان الخضر أعلم منه، إن قلنا: إنه نبيّ مرسل، أو أعلم منه في أمر مخصوص، إن قلنا: إنه نبيّ، أو وليّ (٢)، وينحلّ بهذا التقرير إشكالات كثيرة.

ومن أوضح ما يُستدلّ به على نبوة الخضر قوله: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: ٨٢]، وينبغي اعتقاد كونه نبيًّا؛ لئلا يتذرع بذلك أهل الباطل في دعواهم أن الوليّ أفضل من النبيّ، حاشا، وكَلّا.

وتعقب ابن الْمُنَيِّر على ابن بطال إيراده في هذا الموضع كثيرًا من أقوال السلف في التحذير من الدعوى في العلم، والحثّ على قول العالم: لا أدري، بأن سياق مثل ذلك في هذا الموضع غير لائق، وهو كما قال -رحمه الله-، قال: وليس قول موسى -عليه السلام-: أنا أعلم؛ كقول آحاد الناس مثل ذلك، ولا نتيجةُ قوله كنتيجة قولهم، فإن نتيجة قولهم: العُجب، والكِبْر، ونتيجة قوله: المزيد من العلم، والحث على التواضع، والحرص على طلب العلم، واستدلاله به أيضًا


(١) "المفهم" ٦/ ١٩٦.
(٢) هذا باطلٌ؛ يُبطله قوله في الآية: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي}، وقوله: {فَأَرَادَ رَبُّكَ} الآية، وغير ذلك، فتنبّه.