للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

({فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا}) قال السمين -رحمه الله-: قرأ أبو عمرو، ونافع بفتح الباء، وتشديد الدال من بدّل هنا، وفي "التحريم": "أنْ يُبْدِلَه"، وفي "القلم": "أنْ يُبْدِلَنا"، والباقون بسكون الباء، وتخفيف الدال من أبدل في المواضع الثلاثة، فقيل: هما بمعنى واحد. انتهى (١).

({رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً})؛ أي: صلاحًا وتُقًى، ({وَأَقْرَبَ رُحْمًا}) بضمّ الراء، وسكون الحاء المهملة، وضمّها؛ أي: رُحْمة، وهي البرّ بوالديه.

وقال النوويّ: قيل: المراد بالزكاة الإسلام، وقيل: الصلاح، وأما الرُّحم، فقيل: معناه الرحمة لوالديه، وبِرّهما، وقيل: المراد: يرحمانه، قيل: أبدلهما الله بنتًا صالحة، وقيل: ابنًا، حكاه القاضي. انتهى (٢).

وقال السمين الحلبيّ -رحمه الله-: قرأ ابن عامر: (رُحْمًا) بضمّتين، والباقون بضمّة، وسكون، وهما بمعنى الرحمة، قال رؤبة [من الرجز]:

يَا مُنْزِلَ الرُّحْمِ عَلَى إِدْرِيسَا … وَمُنْزِلَ اللَّعْنِ عَلَى إِبْلِيسَا

وقيل: الرُّحْمُ بمعنى الرحيم، وهو لائق هنا من أجل القرابة بالولادة، ويؤيّده قراءة ابن عبّاس: "رَحِمًا" بفتح الراء، وكسر الحاء، و"زكاة"، و"رُحمًا" منصوبان على التمييز. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": قوله: "وأقرب رحمًا" هما به أرحم منهما بالأول الذي قَتَل خَضِر.

وأخرج النسائيّ عن ابن عباس: "فأبدلهما ربهما خيرًا منه زكاةً، قال: أبدلهما جاريةً، فولدت نبيًّا من الأنبياء"، وللطبريّ نحوه، ولابن المنذر: قال: "أبدلهما مكان الغلام جارية ولدت نبيَّين"، ولابن أبي حاتم: قال: "ولدت جاريةً، فولدت نبيًّا، وهو الذي كان بعد موسى، فقالوا له: ابعث لنا ملِكًا نقاتل في سبيل الله"، واسم هذا النبي شمعون، واسم أمه حنة، وعند ابن مردويه من حديث أُبيّ بن كعب: أنها ولدت غلامًا لكن إسناده ضعيف، وأخرجه ابن المنذر بإسناد حسن، عن عكرمة، عن ابن عباس نحوه، وفي


(١) "الدرّ المصون" ٧/ ٥٣٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٤٥ - ١٤٦.
(٣) "الدرّ المصون" ٧/ ٥٣٩.