للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القول؛ لأنهم اتفقوا على عَدّ جَمْعٍ جَمٍّ في الصحابة، لم يجتمعوا بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلا في حجة الوداع، ومن اشترط الصحبة العرفية أخرج من له رؤية، أو من اجتمع به، لكن فارقه عن قرب، كما جاء عن أنس أنه قيل له: هل بقي من أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- غيرك؟ قال: لا، مع أنه كان في ذلك الوقت عدد كثير ممن لقيه من الأعراب.

ومنهم من اشترط في ذلك أن يكون حين اجتماعه به بالغًا، وهو مردود أيضًا؛ لأنه يخرج مثل الحسن بن عليّ، ونحوه، من أحداث الصحابة.

والذي جزم به البخاريّ هو قول أحمد، والجمهور من المحدثين.

وقول البخاريّ: "من المسلمين" قيد يُخرج به مَن صحبه، أو من رآه من الكفار، فأما من أسلم بعد موته منهم، فإن كان قوله: "من المسلمين" حالًا خرج مَن هذه صفته، وهو المعتمَد.

ويَرِد على التعريف مَن صحبه، أو رآه مؤمنًا به، ثم ارتدّ بعد ذلك، ولم يَعُد إلى الإسلام، فإنه ليس صحابيًّا اتفاقًا، فينبغي أن يزاد فيه: "ومات على ذلك".

وقد وقع في "مسند أحمد" حديث ربيعة بن أمية بن خَلَف الْجُمَحِيّ، وهو ممن أسلم في الفتح، وشَهِد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع، وحدّث عنه بعد موته، ثم لحقه الخذلان، فلَحِق في خلافة عمر بالروم، وتنصَّر بسبب شيء أغضبه، وإخراج حديث مثل هذا مُشْكِل، ولعل من أخرجه لم يَقِف على قصة ارتداده، والله أعلم.

فلو ارتدّ، ثم عاد إلى الإسلام، لكن لم يره ثانيًا بعد عَوْده، فالصحيح أنه معدود في الصحابة؛ لإطباق المحدثين على عَدِّ الأشعث بن قيس، ونحوه، ممن وقع له ذلك، وإخراجهم أحاديثهم في المسانيد.

وهل يختصّ جميع ذلك ببني آدم، أو يعمّ غيرهم، من العقلاء؟ محل نظر، أما الجنّ فالراجح دخولهم؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بُعِث إليهم قطعًا، وهم مكلَّفون، فيهم العصاة، والطائعون، فمن عُرِف اسمه منهم، لا ينبغي التردد في ذِكره في الصحابة، وإن كان ابن الأثير عاب ذلك على أبي موسى، فلم يستند في ذلك إلى حجة.