للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

-إلى قوله-: {إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: ٨ - ١٠]، في آيات كثيرة يطول ذِكْرها، وأحاديث شهيرة، يكثر تعدادها.

وجميع ذلك يقتضي القطع بتعديلهم، ولا يَحتاج أحد منهم مع تعديل الله له إلى تعديل أحد من الخلق.

على أنه لو لم يَرِد من الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة، والجهاد، ونصرة الإسلام، وبذل الْمُهَج والأموال، وقتل الآباء والأبناء، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين، القطع على تعديلهم، والاعتقاد لنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع الخالفين بعدهم، والمعدّلين الذين يجيئون من بعدهم، هذا مذهب كافّة العلماء، ومن يُعتمد قوله.

ثم أسند عن أبي زرعة الرازيّ أنه قال: إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعلم أنه زنديق، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حقّ، والقرآن حقّ، وما جاء به حقّ، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا؛ لِيُبطلوا الكتاب والسُّنَّة، والجرح بهم أَولى، وهم زنادقة. انتهى كلام الخطيب -رحمه الله- (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ وتحقيقٌ أنيسٌ، والله تعالى أعلم.

قال السخاويّ -رحمه الله-: فأما الآية الأُولى: فالذي رجّحه كثير من المفسرين عمومها في أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وخصَّها آخرون بالصحابة، بل قال بعضهم: اتفقوا على أنها واردة فيهم، وحينئذ فالاستدلال منها ظاهر.

وأما الثانية: فهي خطاب مع الموجودين منهم حينئذ، ولكن لا يمتنع إلحاق غيرهم بهم ممن شاركهم في الوصف.

وكذا من الآيات: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} الآية [الفتح: ٢٩]، ومن غيرها: "أصحابي كالنجوم" (٢)، مع ما تحقق عنهم بالتواتر من الجدّ في الامتثال.


(١) "الكفاية في علم الرواية" ١/ ٤٦.
(٢) حديث موضوع، راجع: "الضعيفة" للشيخ الألبانيّ -رحمه الله- ١/ ٧٨ - ٨٥.