عنها، وعن بعضهم ردّهم كافّةً مطلقًا، وقيل: يُقبَل الداخل فيها إذا انفرد؛ لأن الأصل العدالة، وشككنا في ضدّها، ولا تُقْبَل مع مخالفة لتحقق إبطال أحدهما من غير تعيين، وقيل: إن القول بالعدالة يخص بمن اشتهر منهم، ومن عداهم كسائر الناس، فيهم العدول وغيرهم.
قال المازريّ في "شرح البرهان": لسنا نعني بقولنا: الصحابة عدول، كل من رآه يومًا ما، أو زاره، أو اجتمع به لغرض، وانصرف عن قريب، وإنما نعني به الذين لازموه، وعزّروه، ونصروه، واتبعوا النور الذي أنزل معه، فأولئك كما قال الله تعالى:{هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[المؤمنون: ١٠٢].
قال السخاويّ: ولم يوافَق المازري على ذلك، ولذا اعترضه غير واحد، وقال العلائيّ: إنه قول غريب، يُخرج كثيرًا من المشهورين بالصحبة، والرواية عن الحُكم بالعدالة، كوائل بن حجر، ومالك بن الحويرث، وعثمان بن أبي العاص، وغيرهم، ممن وَفَد عليه، ولم يُقِم عنده إلا قليلًا، وانصرف، وكذلك من لم يُعرف إلا برواية الحديث الواحد، أو لم تُعرف مقدار إقامته من أعراب القبائل.
قال الحافظ: وقد كان تعظيم الصحابة، ولو كان اجتماعهم به قليلًا مقرّرًا عند الخلفاء الراشدين، وغيرهم، ثم ساق بسند رجاله ثقات، عن أبي سعيد الخدريّ أنه كان متكئًا، فذَكَرَ من عنده عليًّا ومعاوية -رضي الله عنهما-، فتناول رجلٌ معاوية، فاستوى جالسًا، ثم قال: كنا ننزل رفاقًا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكنا في رُفقة فيها أبو بكر، فنزلنا على أهل أبيات، وفيهم امرأة حبلى، ومعنا رجل من أهل البادية، فقال للمرأة الحامل: أيسرّك أن تلدي غلامًا؟ قالت: نعم، قال: إن أعطتني شاةً ولدت غلامًا، فأعطته، فسجع لها أسجاعًا، ثم عمد إلى الشاة فذبحها، وطبخها، وجلسنا نأكل منها، ومعنا أبو بكر، فلمّا علم بالقصّة قام، فتقيأ كل شيء أكله، قال: ثم رأيت ذلك البدويّ قد أُتِي به عمر بن الخطاب، وقد هجا الأنصارَ، فقال لهم عمر: لولا أن له صحبة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أدري ما نال فيها لكفيتموه، ولكن له صحبة، قال: فتوقف عمر عن معاتبته فضلًا عن معاقبته؛ لكونه عَلِم أنه لقي النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وفي ذلك أكبر شاهد على