للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نفسِهِ: "قال: فوضع رأسي في حَجره، ثم بَزَق في ألية راحته، فدلك بها عيني". (حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ)، وعند بريدة في "الدلائل" للبيهقيّ: "فما وَجِعها عليّ حتى مضى لسبيله"؛ أي: مات، وعند الطبرانيّ من حديث عليّ: "فما رَمِدت، ولا صُدِعت، مذ دفع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إليّ الرايةَ يوم خيبر"، وله من وجه آخر: "فما اشتكيتهما حتى الساعة، قال: ودعا لي، فقال: اللهم أذهب عنه الحرّ والقرّ، قال: فما اشتكيتهما حتى يومي هذا". (فَأَعْطَاهُ) -صلى الله عليه وسلم- (الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ) -رضي الله عنه- (يَا رَسُولَ الله، أُقاتِلُهُمْ) حُذف منه همزة الاستفهام؛ أي: أأقاتلهم؟ (حَتى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟)؛ أي: مسلمين مثلنا، (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("انْفُذْ) بضمّ الفاء، والذال المعجمة؛ أي: امض (عَلَى رِسْلِكَ) بكسر، فسكون؛ أي: على هينتك، (حَتى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهمْ) قال الفيّوميّ -رحمه الله-: ساحةُ الدار: الموضع المتّسع أمامها، والجمع: ساحاتٌ، وساحٌ، مثلُ ساعة وساعات، وسَاعٍ. انتهى (١).

(ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ) استُدِلّ به على أن الدعوة شرط في جواز القتال، والخلاف في ذلك مشهور، فقيل: يُشترط مطلقًا، وهو عن مالك، سواء من بلغتهم الدعوة، أو لم تبلغةم، قال: إلا أن يعجلوا المسلمين، وقيل: لا مطلقًا، وعن الشافعي مثله، وعنه: لا يُقَاتِل من لم تبلغة حتى يدعوهم، وأما من بلغته فتجوز الإغارة عليهم بغير دعاء، وهو مقتضى الأحاديث، ويُحمل ما في حديث سهل -رضي الله عنه- هذا على الاستحباب، بدليل أن في حديث أنس -رضي الله عنه- أنه -صلى الله عليه وسلم- أغار على أهل خيبر لمّا لم يسمع النداء، وكان ذلك أول ما طَرَقَهم، وكانت قصة عليّ بعد ذلك، وعن الحنفية: تجوز الإغارة عليهم مطلقًا، وتستحب الدعوة (٢)، وقد تقدّم في "كتاب الجهاد" البحث في هذا مستوفًى، ولله الحمد والمنّة.

(وَأخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، مِنْ حَقِّ اللهِ فِيهِ)؛ أي: في الإسلام؛ يعني: شرائع الإسلام، (فَوَاللهِ. لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا) يؤخذ منه أن تألّف الكافر حتى يُسلم أولى من المبادرة إلى قتله. (خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ") -بسكون الميم- من "حُمْر"، وبفتح النون، والعين المهملة، وهو من


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٩٤.
(٢) "الفتح" ٩/ ٣١٦.