للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ألوان الإبل المحمودة، قيل: المراد: خير لك من أن تكون لك، فتتصدق بها، وقيل: تقتنيها، وتملكها، وكانت مما تتفاخر العرب بها (١).

وقال القرطبيّ -رحمه الله -: فيه حضٌّ عظيمٌ على تعليم العلم، وبثّه في الناس، وعلى الوعظ، والتذكير بالدار الآخرة والخير، وهذا كما قال في الحديث الآخر: "إن الله وملائكته يصلّون على معلمي الناس الخير" (٢).

والهداية: الدَّلالة والإرشاد، والنَّعَم: هي الإبل، وحُمْرها هي خيارها حُسنًا وقوة ونفاسة؛ لأنَّها أفضل عند العرب، ويعني به -والله أعلم-: أن ثواب تعليم رجل واحد، وإرشاده للخير أعظم من ثواب هذه الإبل النفيسة لو كانت لك فتصدّقت بها؛ لأنَّ ثواب تلك الصدقة ينقطع بموتها، وثواب العلم والهدى لا ينقطع إلى يوم القيامة، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة"، فذكر منها: "علم يُنتفع به" (٣). انتهى (٤).

وذكر ابن إسحاق من حديث أبي رافع: "قال: خرجنا مع عليّ حين بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برايته، فضربه رجل من يهود، فطرح ترسه، فتناول عليّ بابًا كان عند الحصن، فتترس به عن نفسه، حتى فتح الله عليه، فلقد رأيتني أنا في سبعة، أنا ثامنهم، نجهد على أن نقلب ذلك الباب، فما نقلبه"، وللحاكم من حديث جابر: "أن عليًّا حَمَل الباب يوم خيبر، وأنه جُرِّب بعد ذلك، فلم يحمله أربعون رجلًا".

قال الحافظ -رحمه الله-: والجمع بينهما أن السبعة عالجوا قَلْبَه، والأربعين عالجوا حَمْله، والفرق بين الأمرين ظاهر، ولو لم يكن إلا باختلاف حال الأبطال.

وفي حديث إياس بن سلمة، عن أبيه، قال: "وخرج مرحب، فقال:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ

الأبيات.


(١) "الفتح" ٩/ ٣١٧.
(٢) حديث صحيح، رواه الترمذيّ وغيره.
(٣) رواه مسلم.
(٤) "المفهم" ٦/ ٢٧٦.