للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مبالغة في الزجر ("رُدُّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ" قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ -عز وجل-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية [الأنقال: ١] أي: يجعلانها حيث شاءا، ولذلك أعطاه سعدًا، فأخذه، فقد أخرج الإمام أحمد في "مسنده" عن سعد بن أبي وقاص قال: لمّا كان يومُ بدر، وقُتل أخي عُمَيْر، وقَتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه، وكان يسمى "ذا الكتيفة"، فأتيت به نبيّ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "اذهب فاطرحه في القَبَض"، قال: فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي، وأخْذ سَلَبي، قال: فما جاوزت إلا يسيرًا حتى نزلت سورة الأنفال، فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اذهب فخذ سيفك" (١).

وأخرج أحمد أيضًا عن مصعب بن سعد، عن سعد بن مالك قال: يا رسول الله، قد شفاني الله اليوم من المشركين، فَهَبْ لي هذا السيف، فقال: "إن هذا السيف لا لك، ولا لي، ضعه". قال: فوضعته، ثم رجعت، قلت: عسى أن يعطى هذا السيف اليوم من لا يبلي بلائي! قال: إذا رجل يدعوني من ورائي، قال: قلت: قد أنزل الله فيّ شيئًا؟ قال: "كنتَ سألتني السيف، وليس هو لي وإنه قد وُهب لي، فهو لك". قال: وأنزل الله هذه الآية: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: ما يتعلّق بقصّة السيف وآية الأنفال قد تقدّم البحث فيه مستوفًى في "كتاب الجهاد والسِّيَر" برقم [١٢/ ٤٥٤٦] (١٧٤٨) فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

ورواه أبو داود، والترمذيّ، والنسائيّ من طرق، وقال الترمذيّ: حسن صحيح.

(قَالَ) سعد (وَمَرِضْتُ) بكسر الراء، من باب تَعِبَ، (فَأَرْسَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَتانِي، فَقُلْتُ: دَعْنِي)؛ أي: اتركني، ولا تمنعني (أَقْسِمْ) بفتح الهمزة مضارع قَسَم ثلاثيًّا، من باب ضرب، (مَالِي حَيْثُ شِئْتُ)؛ أي: على الأقارب، والمساكين. (قَالَ: فَأَبَى) -صلى الله عليه وسلم- ذلك، (قُلْتُ: فَالنِّصْفَ) بالنصب على المفعوليّة؛ أي: أَقسم النصف حيث شئت، (قَالَ: فَأبَى، قُلْتُ: فَالثُّلُثَ،


(١) "المسند" ١/ ١٨٠.
(٢) "المسند" ١/ ١٧٨.