للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نرضى أن نكون أتباعًا لهم، فاطردهم عنك، قال: فدخل قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ذلك ما شاء الله أن يدخل، فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} والآية. انتهى (١).

وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ} الآية قال: جاء عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، ومطعم بن عبديّ،

والحارث بن نوفل، وقَرَظة بن عبد عمرو بن نوفل، في أشراف من بني عبد مناف، من أهل الكفر إلى أبي طالب، فقالوا: يا أبا طالب لو أن ابن أخيك محمدًا يطرد عنه موالينا، وحلفاءنا، فإنما هم عبيدنا، وعُسَفاؤنا، كان أعظم في صدورنا، وأطوع له عندنا، وأدثى لاتّباعنا إياه، وتصديقنا له، قال: فاتى أبو طالب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فحدّثه بذلك، فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لو فعلتَ ذلك حتى تنظر ما الذي يريدون وإلى ما يصيرون من قولهم، فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ - هذه الآية: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ} -إلى قوله -: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: ٥١ - ٥٣] قال: وكانوا بلالًا، وعمار بن ياسر، وسالمًا مولى أبي حذيفة، وصبيحًا مولى أسيد، ومن الحلفاء: ابن مسعود، والمقداد بن عمرو، ومسعود بن القارئ، وواقد بن عبد الله الحنظليّ، وعمرو بن عبد عمرو، وذو الشمالين، ومرثد بن أبي مرثد، وأبو مرثد الغنويّ حليف حمزة بن عبد المطلب، وأشباههم من الحلفاء، فنزلت في أئمة الكفر من قريش، والموالي، والحلفاء: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} [الأنعام: ٥٣]، فلما نزلت أقبل عمر - رضي الله عنه -، فأتى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فاعتذر من مقالته، فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ -: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا} [الأنعام: ٥٤]، وقوله: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ٥٤]؛ أي: فأكرمهم بردّ السلام عليهم، وبشّرهم برحمة الله الواسعة الشاملة لهم. انتهى (٢).

(فَوَقَعَ فِي نَفْسِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقَعَ)؛ أي: حيث أراد أن يجعل لهؤلاء يومًا، ولهؤلاء يومًا، (فَحَدَّثَ نَفْسَهُ) بذلك (فَأَنْزَلَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ -:


(١) "سُنن ابن ماجه" ٢/ ١٣٨٣.
(٢) "تفسير ابن كثير" ٢/ ١٣٦.