وقوله: (أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ") مرفوع على أنه خبر "إنّ"، و"أيتها الأمة" معترض بينهما.
وقال في "الفتح": قوله: "أيتها الأمة" صورته صورة النداء، لكن المراد فيه الاختصاص؛ أي: أميننا مخصوصين من بين الأمم أبو عبيدة، وعلى هذا فهو بالنصب على الاختصاص، وقال القاضي: هو بالرفع على النداء، والأفصح أن يكون منصوبًا على الاختصاص (١).
و"الأمين": هو الثقة الرضيّ، وهذه الصفة، وإن كانت مشتركة بينه وبين غيره، لكن السياق يُشعر بأن له مزيدًا في ذلك، لكن خَصَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كلَّ واحد من الكبار بفضيلة، ووَصفه بها، فأشْعَر بقدَرْ زائد فيها على غيره؛ كالحياء لعثمان، والقضاء لعليّ، ونحو ذلك.
[تنبيه]: أورد الترمذيّ، وابن حبان هذا الحديث من طريق عبد الوهاب الثقفيّ، عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد مطوَّلًا، وأوله: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدّهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأقرأهم لكتاب الله أُبَيّ، وأفرضهم زيد، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، ألا وإن لكل أمة أمينًا … " الحديث، وإسناده صحيح، إلا أن الحفاظ قالوا: إن الصواب في أوله الإرسال، والموصول منه ما اقتَصَر عليه الشيخان، وهو إن لكل أمة أمينًا … إلخ". والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.