للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَعْتبتُه كانت كذلك، كما تقدَّم، وكان الطعن في إمارة زيد من حيث إنه كان مولًى، فشهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لأسامة وأبيه -رضي الله عنهما - بأنَّهما صالحان للإمارة، لِمَا يَعْلم من أهليتهما لها، وأن كونهما مَوْلَيين لا يغضُّ من مناصبهما، ولا يقدح في أهليتهما للإمارة.

ولا خلاف أعلم في جواز إمارة المولى والمفضول، وقد تقدَّم القول في استخلاف المفضول.

و"الإمرة" رويناها بالكسر بمعنى: الولاية، وقال أبو عبيد: يُقال: لك عليّ أمرةٌ مطاعة -بفتح الهمزة-، وكذلك حكاه القتبي، وهي واحدة الأمر.

قلت (١): وهذا على قياس: جَلسة، وجِلسة -بالفتح للمصدر، والكسر للهيئة -.

والخليق، والحريُّ، والقَمِنُ، والحقيقُ: كلُّها بمعنى واحد. انتهى (٢).

(وَايْمُ اللهِ)؛ يعني: يمين الله، بمعنى: يمين الحالف بالله؛ وروي عن ابن عمر، وابن عباس أنهما كانا يحلفان بأيم الله، وأبى الحلف بها الحسن البصريّ، وإبراهيم النخعيّ، ويردّ عليهما هذا الحديث، وغيره، قال العينيّ: وهو يمين عند أصحابنا، قاله الطحاويّ، وبه قال مالك، وقال الشافعيّ: إن لم يُرد بها يمينًا فليست بيمين، وروي عن ابن عباس أنه اسم من أسماء الله تعالى، فإن صح ذلك فهو الحلف بالله (٣).

وقال العينيّ رحمه اللهُ أيضًا: ولفظ "ايم الله" من ألفاظ القَسَم؛ كقولك: والله، وفيها لغات كثيرة، وتُفتح همزتها، وتُكسر، وهمزتها همزة وَصْل، وقد تُقْطَع، وأهل الكوفة من النحاة يزعمون أنها جَمْع يمين، وغيرهم يقول: هو اسم موضوع للقَسَم. انتهى (٤).

(إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا)؛ أي: جديرًا، وأهلًا (لِلإمْرَةِ) "إن" بكسر الهمزة مخفّفة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بين "إن" المخفّفة، و"إن" النافية، كما قال في "الخلاصة":

وَخُفِّفَتْ "إِنَّ" فَقَلَّ الْعَمَلُ … وَتَلْزَمُ اللَّامُ إِذَا مَا تُهْمَلُ


(١) القائل القرطبيّ.
(٢) "المفهم" ٦/ ٣٠٨.
(٣) "عمدة القاري" ٢٣/ ١٦٧.
(٤) "عمدة القاري" ٢٤/ ٢٦١.