للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالقرائن، وتغافل عمَّا جرى من ذلك؛ إذ لم يجر منهما شيء يترتب عليه حكم، ولا يتعلق به إثم، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

وقال الكرمانيّ: قولها: "رسولك. . . إلخ" الظاهر أنه كلام حفصة، ويَحْتَمِل أن يكون كلام عائشة.

وتعقّبه العينيّ، فقال: الأمر بالعكس، بل الظاهر أنه من كلام عائشة، وظاهر العبارة يُشعر أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يعرف القصة، ويَحْتَمِل أن يكون قد عرفها بالوحي، وبالقرائن، وتغافل -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عما جرى إذ لم يحصل منها شيء يترتب عليه حكم. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "ولا أستطيع أن أقول له شيئًا" قال الكرمانيّ: الظاهر أنه كلام حفصة، ويَحْتَمِل أن يكون كلام عائشة، ولم يظهر لي هذا الظاهر، بل هو كلام عائشة، وقد وقع في رواية مسلم في جميع ما وقفت عليه من طرقه، إلا ما سأذكره بعدُ قولُه: "تلدغني، رسولك، ولا أستطيع أن أقول له شيئًا"، و"رسولك" بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هو رسولك، ويجوز النصب على تقدير فعل، وإنما لم تتعرض لحفصة؛ لأنها هي التي أجابتها طائعة، فعادت على نفسها باللوم، ووقع عند الإسماعيليّ من وجهين، عن أبي نعيم شيخ البخاري فيه بعد قوله: "تلدغني، ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينظر، ولا أستطيع أن أقول له شيئًا"، وعلى هذا فيَحْتَمِل أن يكون المراد بالقول في قولها: "أن أقول"؛ أي: أحكي له الواقعة؛ لأنه ما كان يعذرني في ذلك، وظاهر رواية غيره يُفهم أن مرادها بالقول: أنها لا تستطيع أن تقول في حقه شيئًا، كما تقدم.

قال الداوديّ: يَحْتَمِل أن تكون المسايرة في ليلة عائشة، ولذلك غلبت عليها المغيرة، فَدَعَتْ على نفسها بالموت.

وتُعُقّب بأنه يلزم منه أنه يوجب القَسْم في المسايرة، وليس كذلك؛ إذ لو كان لَمَا كان يخص عائشة بالمسايرة دون حفصة، حتى تحتاج حفصة تتحيل على عائشة، ولا يتجه القَسْم في حالة السير إلا إذا كانت الخلوة لا تحصل إلا فيه، بأن يركب معها في الهودج، وعند النزول يجتمع الكل في الخيمة، فيكون


(١) "المفهم" ٦/ ٣٣١.
(٢) "عمدة القاري" ٢٠/ ١٩٧.