للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفضل: وقد يظهر له وجهٌ حسن، ولا سيما، وأكثر الرواة أثبتوه، ولم يشكُّوا فيه، وهو أن يكون مأخوذًا من الغياية، وهو كل ما أظل الإنسان فوق رأسه، فكأنه غُطِّي عليه، وسُترت أموره، ويكون من الغيّ: وهو الانهماك في الشرّ، أو من الغيّ: وهو الخيبة، قال الله تعالى: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: ٥٩]؛ أي: خيبة.

والمعروف في "الطباقاء": أنه بمعنى: العياياء، وهو الذي تنطبق عليه الأمور، وأنشد الجوهري قول جميل بن مَعْمَر [من الطويل]:

طَبَاقَاءُ لَمْ يَشْهَدْ خُصُومًا وَلَمْ يَقُدْ … رِكابًا إلى أَكْوارِهَا حِينَ تُعْلَفُ

قال: ويُروى عياياء، وهو بمعنى واحد.

قال القاضي: وحكى أبو عليّ -وأظنه البغداديّ- عن بعضهم أنه قال: الثقيل الصدر الذي ينطبق صدره على صدر المرأة عند الحاجة إليها، وهو من مذامّ الرجال، وقال الجاحظ: عياياء، طباقاء: أخبرت عن جهله بإتيان النساء، وعيِّه، وعجزه، وأنه إذا سقط عليها انطبق عليها، والنساء يكرهن صدور الرجال على صدورهن. انتهى (١).

وقوله: (قَلِيلَاتُ الْمَسَارحِ) قال القرطبيّ -رحمه الله-: قولها: "كثيرات المبارك، قليلات المسارح" مبارك الإبل: مواضع بروكها، واحدها: مبرك، ومسارحها: مواضع رعيها، واحدها مسرح، واختُلف في معناه على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه أكثر بروكها، وأقل تسريحها؛ مخافة أن ينزل به ضيف، وهي غائبة، ذكره أبو عبيد.

والثاني: أنها إذا بَرَكت كانت كثيرةً؛ لِوَفْر عددها، وإذا سرحت كانت قليلة؛ لكثرة ما يجزر منها للضيفان، قاله ابن أبي أويس.

وثالثها: أنها إذا بركت كانت كثيرةً؛ لكثرة من ينضم إليها، ممن يلتمس لحمها ولبنها، وإذا سرحت كانت قليلةً؛ لقلة من ينضم إليها منهم. انتهى (٢).

وقولها: (وَصِفْرُ رِدَائِهَا)؛ أي: خاليته، والصفر: الشيء الفارغ، قال الهروي: أي: ضامرة البطن، والرداء ينتهي إلى البطن، وقال غيره: تريد أنها


(١) "المفهم" ٦/ ٣٣٩.
(٢) "المفهم" ٦/ ٣٤٢.