للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه؛ قوله: "فلم ينكر عليهنّ" فيه نظر؛ إذ لا دليل على أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اطلع على ذَرْعهنّ للقصبة، حتّى يُنكر عليهنّ، فليُتأمّل، والله تعالى أعلم.

قال: وأما ما رواه الطبرانيّ في "الأوسط" من طريق يزيد بن الأصمّ، عن ميمونة - رضي الله عنها -؛ أنّ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لهنّ: "ليس ذلك أعني، إنما أعني أصنعكنّ يدًا". فهو ضعيف جدًّا، ولو كان ثابتًا، لَمْ يَحْتَجْن بعد النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى ذرع أيديهن، كما سبق في رواية عمرة، عن عائشة - رضي الله عنها -.

٦ - (ومنها): ما قاله المهلّب - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه دلالة على أنَّ الحكم للمعاني، لا للألفاظ؛ لأنّ النسوة فَهِمنَ من طول اليد الجارحة، وإنما المراد بالطول كثرة الصدقة. قال الحافظ: وما قاله لا يمكن اطّراده في جميع الأحوال. انتهى (١)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): قد تقدّم أن رواية البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - فيها إشكالٌ، ولفظها:

(١٤٢٠) - حَدَّثَنَا موسى بن إسماعيل، حَدَّثَنَا أبو عوانة، عن فِراس، عن الشعبيّ، عن مسروق، عن عائشة - رضي الله عنها -؛ أن بعض أزواج النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلن للنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أينا أسرع بك لحوقًا؟، قال: "أطولكن يدًا"، فأخذوا قصبة، يذرعونها، فكانت سودة أطولهن يدًا، فعلمنا بعدُ، أنما كانت طول يدها الصدقة، وكانت أسرعنا لحوقًا به، وكانت تحب الصدقة.

قال في "الفتح": "وكانت أسرعنا" كذا وقع في "الصحيح" بغير تعيين، ووقع في "التاريخ الصغير" للبخاريّ، عن موسى بن إسماعيل بهذا الإسناد: "فكانت سودة أسرعنا … إلخ"، وكذا أخرجه البيهقيّ في "الدلائل"، وابن حبّان في "صحيحه" من طريق العبّاس الدُّوريّ، عن موسى. وكذا وقع في رواية عفّان عند أحمد، وابن سعد، قال ابن سعد: قال لنا محمد بن عمر -يعني: الواقديّ -: هذا الحديث وَهَلَ في سودة، وإنما هو في زينب بنت جحش، فهي أول نسائه به لُحوقًا، وتوفّيت في خلافة عمر، وبقيت سودة إلى أن توفّيت في خلافة معاوية، في شوّال سنة أربع وخمسين.


(١) "الفتح" ٤/ ٢٤٤.