للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن بطّال: هذا الحديث سقط منه ذِكر زينب؛ لاتفاق أهل السير على أنَّ زينب أوّل من ماتت من أزواج النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ يعني: أن الصواب: وكانت زينب أسرعنا … إلخ.

قال الحافظ: ولكن يعكر على هذا التأويل تلك الروايات المتقدّمة المصرّح فيها بأن الضمير لسودة.

قال: وقرأت بخطّ الحافظ أبي عليّ الصدفيّ: ظاهر هذا اللفظ أن سودة كانت أسرع، وهو خلاف المعروف عند أهل العلم أن زينب أوّل من مات من الأزواج، ثم نقله عن مالك، من روايته عن الواقديّ، قال: ويقوّيه رواية عائشة بنت طلحة.

وقال ابن الجوزيّ: هذا الحديث غلطٌ من بعض الرواة، والعجب من البخاريّ، كيف لَمْ يُنبّه عليه، ولا أصحاب التعاليق، ولا عَلِمَ بفساد ذلك الخطّابيّ؟ فإنه فسّره، وقال: لُحُوق سودة به من أعلام النبوّة. وكلّ هذا وَهَمٌ، وإنما هي زينب، فإنها كانت أطولهنّ يدًا بالعطاء، كما رواه مسلم، من طريق عائشة بنت طلحة، عن عائشة، بلفظ: "فكانت أطولنا يدًا زينب؛ لأنَّها كانت تعمل، وتتصدّق". انتهى. وتلقّى مغلطاي كلام ابن الجوزيّ، فجزم به، ولم ينسبه له.

وقد جمع بعضهم بين الروايتين، فقال الطيبيّ: يمكن أن يقال فيما رواه البخاريّ: المراد: الحاضرات من أزواجه، دون زينب، وكانت سودة أوّلهنّ موتًا.

قال الحافظ: وقد وقع نحوه في كلام مغلطاي، لكن يعكر على هذا أن في رواية يحيى بن حمّاد، عند ابن حبّان: "أن نساء النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اجتمعن عنده، لَمْ تغادر منهنّ واحدة". ثمّ هو مع ذلك إنما يتأتّى على أحد القولين في وفاة سودة، فقد روى البخاريّ في "تاريخه" بإسناد صحيح إلى سعيد بن هلال؛ أنه قال: ماتت سودة في خلافة عمر - رضي الله عنه -.

وجزم الذهبيّ في "التاريخ الكبير" بأنها ماتت في آخر خلافة عمر - رضي الله عنه -.

وقال ابن سيّد الناس: إنه المشهور. وهذا يخالف ما أطلقه الشيخ محيي الدين -يعني: النوويّ - حيث قال: أجمع أهل السّيَر على أنَّ زينب أوّل من مات من أزواجه. وسبقه إلى نقل الاتفاق ابن بطّال، كما تقدّم.