وتعقّبه الحافظ، فقال: كذا قال، وهو خطأ فاحش، فإن البراء أيضًا أوسي؛ لأنه ابن عازب بن الحارث بن عديّ بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس، يجتمع مع سعد بن معاذ في الحارث بن الخزرج، والخزرج والد الحارث بن الخزرج، وليس هو الخزرج الذي يقابل الأوس، وإنما سُمّي على اسمه، نَعَم الذي من الخزرج الذين هم مقابل الأوس جابرٌ، وإنما قال جابر ذلك إظهارا للحقّ، واعترافًا بالفضل لأهله، فكأنه تعجب من البراء، كيف قال ذلك مع أنه أوسيّ؟ ثم قال: أنا وإن كنت خزرجيًّا، وكان بين الأوس والخزرج ما كان، لا يمنعني ذلك أن أقول الحقّ، فذكر الحديث، والعذر للبراء أنه لم يَقصد تغطية فضل سعد بن معاذ، وإنما فَهِم ذلك، فجزم به، هذا الذي يليق أن يُظَنّ به، وهو دالّ على عدم تعصبه، ولمّا جَزَم الخطابيّ بما تقدم احتاج هو ومن تبعه إلى الاعتذار عما صدر من جابر في حق البراء، وقالوا في ذلك ما مُحَصَّله: إن البراء معذور؛ لأنه لم يقل ذلك على سبيل العداوة لسعد، وإنما فَهِم شيئًا محتملًا، فحَمَل الحديث عليه، والعذر لجابر أنه ظن أن البراء أراد الغضّ من سعد، فساغ له أن ينتصر له، والله أعلم.
وقد أنكر ابن عمر ما أنكره البراء، فقال: إن العرش لا يهتزّ لأحد، ثم رجع عن ذلك، وجزم بأنه اهتزّ له عرش الرحمن، أخرج ذلك ابن حبان من طريق مجاهد عنه.
والمراد باهتزاز العرش: استبشاره، وسروره بقدوم روحه، يقال لكل من فَرِح بقدوم قادم عليه: اهتزّ له، ومنه اهتزت الأرض بالنبات: إذا اخضرّت، وحسُنت.
ووقع ذلك من حديث ابن عمر عند الحاكم، بلفظ:"اهتزّ العرش فرحًا به"، لكنه تأوله كما تأوله البراء بن عازب، فقال: اهتز العرش فرحًا بلقاء الله سعدًا حتى تفسخت أعواده على عواتقنا، قال ابن عمر: يعني: عرش سعد الذي حُمل عليه، وهذا من رواية عطاء بن السائب، عن مجاهد، عن ابن عمر، وفي حديث عطاء مقال؛ لأنه ممن اختلط في آخر عمره، ويعارض روايته أيضًا ما صححه الترمذيّ من حديث أنس، قال: لمّا حُملت جنازة