سعد بن معاذ، قال المنافقون: ما أخفّ جنازته؟ فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "إن الملائكة كانت تحمله".
قال الحاكم: الأحاديث التي تصرح باهتزاز عرش الرحمن مخرّجة في "الصحيحين"، وليس لمعارضها في الصحيح ذِكر. انتهى.
وقيل: المراد باهتزاز العرش اهتزاز حملة العرش، ويؤيده حديث:"إن جبريل قال: من هذا الميت الذي فُتحت له أبواب السماء، واستبشر به أهلها؟ "، أخرجه الحاكم.
وقيل: هي علامة، نصبها الله لموت من يموت من أوليائه؛ لِيُشعِر ملائكته بفضله.
وقال الحربيّ: إذا عظّموا الأمر نسبوه إلى عظيم، كما يقولون: قامت لموت فلان القيامة، وأظلمت الدنيا، ونحو ذلك، وفي هذه منقبة عظيمة لسعد.
وأما تأويل البراء على أنه أراد بالعرش السرير الذي حُمل عليه، فلا يستلزم ذلك فضلًا له؛ لأنه يَشْرَكه في ذلك كل ميت، إلا أن يريد: اهتز حملة السرير فرحًا بقدومه على ربه، فيتّجه.
ووقع لمالك نحو ما وقع لابن عمر أوّلًا، فذكر صاحب "العتبية" فيها أن مالكًا سئل عن هذا الحديث، فقال: أنهاك أن تقوله، وما يدعو المرء أن يتكلم بهذا، وما يدري ما فيه من الغرور، قال أبو الوليد بن رشد في "شرح العتبية": إنما نهى مالك؛ لئلا يسبق إلى وَهَم الجاهل أن العرش إذا تحرك يتحرك الله بحركته، كما يقع للجالس منا على كرسيه، وليس العرش بموضع استقرار الله، تبارك الله، وتنزّه عن مشابهة خلقه. انتهى مُلَخّصًا.
قال الحافظ: والذي يظهر أن مالكًا ما نهى عنه لهذا؛ إذ لو خَشِي من هذا لَمَا أسند في "الموطأ" حديث: "ينزل الله إلى سماء الدنيا"؛ لأنه أصرح في الحركة، من اهتزاز العرش، ومع ذلك فمعتقَد سلف الأئمة، وعلماء السُّنَّة من الخلف؛ أن الله منزَّه عن الحركة، والتحول، والحلول (١)، ليس كمثله شيء.
(١) أما الحلول فلا شك أنه لا يقول به إلا الضالّون المبطلون، وأما الحركة والتحوّل =