"الكبير"(٦/ ١٣)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(٣/ ٢٧٣)، و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار"(٤/ ٢٤٧)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٣/ ٢٧٣)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(٣٩٨١)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): أن فيه إشارةً إلى عظيم منزلة سعد بن معاذ -رضي الله عنه- في الجنّة، وأن أدنى ثيابه فيها خير من حرير الدنيا؛ لأن المنديل أدنى الثياب؛ لأنه معدّ للوسخ، والامتهان، فغيره أفضل.
٢ - (ومنها): أن فيه إثبات الجنّة لسعد -رضي الله عنه-.
٣ - (ومنها): أن فيه جوازَ قبول هديّة المشرك؛ لأنه يأتي أن الذي أهداها هو أُكيدر دومة، وهو نصرانيّ، وقد ترجم البخاريّ -رحمه الله- في "كتاب الهبة" من "صحيحه": "باب قبول هديّة المشرك".
قال في "الفتح": قوله: "باب قبول الهدية من المشركين"؛ أي: جواز ذلك، وكأنه أشار إلى ضَعف الحديث الوارد في ردّ هدية المشرك، وهو ما أخرجه موسى بن عقبة في "المغازي" عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، ورجال من أهل العلم: أن عامر بن مالك الذي يُدْعَى مُلاعِب الأَسِنَّة، قدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو مشرك، فأهدى له، فقال:"إني لا أقبل هدية مشرك. . ." الحديث، ورجاله ثقات، إلا أنه مرسل، وقد وصله بعضهم عن الزهريّ، ولا يصح، وفي الباب حديث عياض بن حمار، أخرجه أبو داود، والترمذيّ، وغيرهما، من طريق قتادة، عن يزيد بن عبد الله، عن عياض، قال: أهديت للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - ناقة، فقال:"أسلمت؟ " قلت: لا، قال:"إني نُهيت عن زَبْد المشركين"، و"الزبد" - بفتح الزاي، وسكون الموحدة -الرِّفْدُ، صححه الترمذي، وابن خزيمة.
وأَورد البخاري في الباب عدة أحاديث، دالة على الجواز.
فجَمَع بينها الطبريّ بأن الامتناع فيما أُهدي له خاصة، والقبول فيما أُهدي للمسلمين، وتعقّبه الحافظ بأن من جملة أدلة الجواز، ما وقعت الهدية فيه له خاصة.
وجَمَع غيره بأن الامتناع في حقّ من يريد بهديته التودّد والموالاة،