للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كيف أصعد؟ فأخذ بيدي، فزَجَل بي -وهو بزاي، وجيم؛ أي: رفعني- فإذا أنا متعلق بالحلقة، ثم ضرب العمود، فخَرّ، وبقيت متعلقًا بالحلقة، حتى أصبحت".

(فَقَصَصْتُهَا)؛ أي: هذه الرؤيا (عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("تِلْكَ الرَّوْضَةُ الإِسْلَامُ) وفي بعض النسخ: "تلك الروضة روضة الإسلام"، (وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الإِسْلَامِ، وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى) قال السمين الحلبيّ -رحمه الله-: العُروة: موضع شدّ الأيدي، وأصل المادّة يدل على التعلّق، ومنه عَرَوته: ألممت به متعلّقًا، واعتراه الهمّ: تعلّق به، و"الوُثقى": فُعْلى للتفضيل، تأنيث الأوثق؛ كفُضلَى تأنيث الأفضل، وجَمْعها على وُثَق، نحو كُبرى وكُبَر. انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: العروة: الشيء المتعلَّق به، حبلًا كان أو غيره، ومنه عروة القميص، والدلو، وقال بعضهم: أصله من عروته: إذا ألممت به متعلقًا، واعتراه الهمُّ: تعلّق به، وقيل: من العروة: وهي شجرة تبقى على الجدب، سُمّيت بذلك؛ لأنَّ الإبل تتعلق بها إلى زمان الخصب، وتُجْمَع العروة: على عُرَى.

و"الوُثقى": الوثيقة؛ أي: القوية التي لا انقطاع فيها، ولا ضَعف، وقد أضاف العروة هنا إلى صفتها، فقال: عروة الوثقى، كما قالوا: مسجدُ الجامع، وصلاةُ الأُولى. انتهى (٢).

وقوله: (وَأَنْتَ عَلَى الإِسْلَامِ) جملة في محلّ نصب على الحال؛ أي: والحال أنك ثابت على الإسلام (حَتَّى تَمُوتَ) غاية لثباته عليه. (قَالَ) قيس بن عُباد، وقال في "الفتح": هو من قول عبد الله بن سلام، ولا مانع من أن يُخبر بذلك، ويريد نفسه، ويَحْتَمل أن يكون من كلام الراوي. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى بُعد الاحتمال الأول، فالظاهر هو الاحتمال الثاني، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.


(١) "الدرّ المصون في علوم الكتاب المكنون" ٢/ ٥٤٨.
(٢) "المفهم" ٦/ ٤١٥.