للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "الفتح": قوله: "رزان" من الرزانة، يراد به قلّة الحركة، و "تُزَنّ" بضم أوله، ثم زاي، ثم نون ثقيلة؛ أي: ترمَى، و "الغوافل" جمع غافلة، وهي العفيفة الغافلة عن الشرّ، والمراد: تبرئتها من اغتياب الناس بأكل لحومهم من الغيبة، ومناسبة تسمية الغيبة بأكل اللحم أن اللحم سترٌ على العظم، فكأن المغتاب يكشف ما على من اغتابه مِنْ سِتر.

وزاد ابن هشام في "السيرة" في هذا الشعر [من الطويل]:

عَقِيلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ … كِرَامِ الْمَسَاعِي مَجْدُهُمْ غَيْرُ زَائِلِ

مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللهُ خِيمَهًا … وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَبَاطِلِ

وفيه عن ابن إسحاق:

فَإِنْ كُنْتُ قَدْ قُلْتُ الَّذِي زَعَمُوا لَكُمْ … فَلَا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي

فَكَيْفَ وَوُدِّي مَا حَيِيتُ وَنُصْرَتِي … لِآلِ رَسُولِ اللهِ زَيْنِ الْمَحَافِلِ

وزاد فيه الحاكم في رواية له من غير رواية ابن إسحاق:

حَلِيلَةُ خَيْرِ الْخَلْقِ دِينًا وَمَنْصِبًا … نَبِيِّ الْهُدَى وَالْمَكْرُمَاتِ الْفَوَاضِلِ

رَأَيْتُكِ وَلْيَغْفِرْ لَكِ اللهُ حُرَّةً … مِنَ الْمُحْصَنَاتِ غَيْرِ ذَاتِ الْغَوِائِلِ

و"الخيم" بكسر المعجمة، وسكون التحتانية: الأصل الثابت، وأصله من الْخِيمة، يقال: خام يخيم: إذا أقام بالمكان. انتهى (١).

(فَقَالَتْ لَهُ)؛ أي: لحسّان -رضي الله عنه-، (عَائِشَةُ) -رضي الله عنها-: (لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذَلِكَ) فيه إشارة إلى أنه اغتاب عائشة -رضي الله عنها- حين وقعت قصة الإفك، وقد عَمِي في آخر عمره.

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قول عائشة -رضي الله عنها- لحسان -رضي الله عنه-: "لكنك لست كذلك"؛ تعني: أنه لم يصبح غرثان من لحوم الغوافل، وظاهر هذا الحديث: أن حسان كان ممن تكلم بالإفك، وقد جاء ذلك نصًّا في حديث الإفك الطويل الذي يأتي فيه: أن الذين تكلموا بالإفك: مسطح، وحسان، وحمنة، وعبد الله بن أُبيِّ ابن سلول، غير أنه قد حَكَى أبو عمر: أن عائشة -رضي الله عنها- قد برَّأت حسَّان من الفرية، وقالت: إنه لم يقل شيئًا، وقد أنكر حسان أن يكون قال من ذلك شيئًا


(١) "الفتح" ١٠/ ٤٤١، كتاب "التفسير" رقم (٤٧٥٦).